من سيرفع الراية البيضاء قريباً… محمد صلاح أم ليفربول؟

20 مارس, 2022 12:08 مساءً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

لندن- «لا أعتقد أنني قلت أي شيء مثير للجدل، لقد قلت ما حدث، ويبدو أنكم أوقعتوني في فخ ما، فجأة صنعت عناوين الأخبار بتصريحاتي، وهذا آخر ما أريد أن أقوم به خلال أي مؤتمر صحفي أتكلم خلاله، الأمور على ما يرام، ولا أعرف أي شيء عن أي ردود أفعال، وهذا لا يقلقني. الأطراف المعنية بالعقد الجديد على تواصل، دعونا نرى ما الذي سيحدث»، بهذه الكلمات البسيطة، أعطى مدرب ليفربول يورغن كلوب، درسا في كيفية الحفاظ على هدوء وتركيز رجاله في غرفة خلع الملابس، واضعا مصلحة الكيان فوق الشو الإعلامي وطريقة «قصف الجبهات»، وذلك في رده على سخرية وكيل أعمال محمد صلاح، رامي عباس، حول ما قاله المدرب عن آخر مستجدات ملف تجديد عقد الفرعون في «آنفيلد».

حكمة كلوب

وكان المدرب الألماني، قد أعطى تلميحات إلى وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، على هامش حديثه مع الصحافيين قبل مواجهة برايتون في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، حيث قال: «من المفترض أنه (صلاح) يرى نفسه في ناد طموح، لا يمكننا فعل أكثر من ذلك، والقرار الأخير في يد اللاعب، أعتقد أن الأمور على ما يرام، وإلى الآن لا يوجد أي جديد سواء بالقبول أو الرفض، علينا فقط أن ننتظر ولا داعي للقلق»، لتقوم الدنيا في وسائل الإعلام العالمية، بعد لجوء الوكيل اللاتيني لأسلوبه المفضل، بإثارة الجدل والقيل والقال. الفارق هذه المرة، أنه لم يستعرض عمقه الزائد على الحد، بتلك الرسائل والرموز الغامضة في أوقات الأزمات، بل جاهر بالسخرية من المدرب الخمسيني، بتغريدة مرفقة برمز لوجوه تدمع من الضحك، وهي الرسالة التي أحسنت الصحف الفرنسية والإسبانية استغلالها، لإحياء اشاعات اهتمام باريس سان جيرمان وعملاقي الليغا ريال مدريد وبرشلونة بهداف البريميرليغ مرتين من قبل، والمتصدر بفارق مريح عن أقرب مطارديه هذا الموسم. ويُحسب للمدرب الألماني، أنه نأى بنفسه عن صراع العروش بين الوكيل المثير للجدل والمدراء المسؤولين عن ملف عقود ومستقبل اللاعبين، ولنا أن نتخيل لو فعل عباس ما فعله مع واحد من المدربين المتعصبين لآرائهم وتكون ردود أفعالهم عنيفة في هكذا موقف، وما أكثرهم من نوعية الفيلسوف بيب غوارديولا وجوزيه مورينيو، في الغالب ما كانت التغريدة ستمر مرور الكرام، على الأقل كان اللاعب سيدفع فاتورة باهظة الثمن، لذا ينبغي على السوبر ستار المصري، التشديد على وكيل أعماله، بضرورة تجنب هكذا تصرفات في المستقبل، ليس فقط لاحتمال أن تكون العواقب وخيمة، بل لأن هكذا أسلوب لا يليق أبدا بممثل أو مندوب عن علامة تجارية بحجم وشعبية قائد منتخب الفراعنة، المرشح فوق العادة لاكتساح الجوائز الفردية المرموقة في فصل الصيف، في حال استمر على مستواه وتوهجه الحالي لنهاية الموسم.

التحديث الأخير

تقول أغلب المصادر المقربة من ملف تجديد عقد أبو صلاح مع أحمر الميرسيسايد، إن المؤشرات والنتائج على أرض الواقع، تنذر بكارثة تلوح في الأفق بالنسبة لجماهير عملاق البريميرليغ، لوقوف كلا الطرفين على مسافة بعيدة على طاولة المفاوضات، أشبه بالمسافة التي فرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضيفه الفرنسي ايمانويل ماكرون، في آخر اجتماع بينهما قبل اجتياح أوكرانيا الشهر الماضي، وذلك لاختلاف الوكيل مع النادي في البنود الرئيسية في عقد الولاء والبقاء في قلعة «لآنفليد» إلى ما بعد 2023، منها قيمة الراتب الأسبوعي، وحوافز الإجادة، شاملة تأثيره بالأهداف وصناعة الأهداف وأيضا مكافآت حصوله على إحدى الجوائز الفردية العالمية المرموقة، ما يُعرف في العقود الحديثة بالمتغيرات. ويُقال إن اللاعب ووكيله يتمسكان بالحصول على نصف مليون جنيه إسترليني، كراتب أسبوعي صافي من الحوافز، في المقابل، يرفض النادي دفع المبلغ، حرصا على سياسة الحد الأدنى والأقصى للأجور، وذلك وفقا لانفراد الموثوق فابريزيو رومانو، الذي علم من وكيل أعمال صلاح رامي عباس شخصيا، أن «المفاوضات مع إدارة النادي، كادت أن تصل إلى طريق مسدود في ديسمبر / كانون الأول الماضي، ومنذ تلك اللحظة، لا يوجد جديد على طاولة المفاوضات»، مشددا في تغريدته في خضم الحديث عن سخرية رامي من المدرب، على أن رغبة أبو صلاح الأولى، هي البقاء مع ليفربول، لكن ليس بالشروط ولا التقدير المالي الحالي، لاعتقاده وإيمانه بأنه أثبت بشكل عملي، أنه يستحق أن يكون ضمن فئة الأغلى في البريميرليغ وأوروبا بأكملها.

صاحب اليد العليا

بالنظر لصاحب اليد العليا على طاولة المفاوضات في الوقت الراهن، لن نعاني في ملاحظة قوة موقف صلاح ووكيله. دعك عزيزي القارئ من لحظات النشوة التي يعيشها بطل مصر، تاركا أداءه وتأثيره على نتائج الفريق وأهدافه تتحدث عنه، كيف لا والحديث عن هداف الدوري الإنكليزي الممتاز وأكثر محترف في إنكلترا تسجيلا ومساهمة في الأهداف في مختلف المسابقات، بإجمالي 28 هدفا و10 تمريرات حاسمة من مشاركته في 36 مباراة، الأمر الذي يجعله يتحصن بموج الجماهير العالي، كأداة ضغط على الإدارة لتمرير شروطه المادية الباهظة في ملف تجديد عقده، هذا بخلاف اقترابه من الدخول في عامه الأخير في عقده مع النادي، وأشياء أخرى تساعده بطريقة أو بأخرى في الحفاظ على هدوئه في المعركة التفاوضية، آخرها السيناريو المرعب، الذي أثاره الإعلام في ألمانيا والمملكة المتحدة مؤخرا، عن موافقة إيرلنغ براوت هالاند على الذهاب إلى مانشستر سيتي في صفقة قياسية، ستكسر حاجز الـ140 مليون جنيه إسترليني، شاملة عمولة الوكيل مينو رايولا ووالد اللاعب، ولا أحد قادر على تخيل وضع المنافسة في بريطانيا لثلاث سنوات على أقل تقدير، في وجود الوحش الاسكندينافي جنبا إلى جنب مع رياض محرز وكيفن دي بروين وبيرناردو سيلفا وروبن دياز وباقي أفراد العصابة السماوية، في الوقت الذي سيخسر فيه ليفربول سلاحه الرادع وهدافه الأول في حقبة كلوب الذهبية. وفي عالم مواز، تتعمد الحكومة البريطانية بإرسال حامل لقب دوري أبطال أوروبا تشيلسي إلى المجهول بسرعة الصاروخ، لمعاقبة مالكه رومان آبراموفيتش على تقربه من بوتين، ضمن نخبة «الأوليغارش الروس». وبالمثل، لا توجد مؤشرات ملموسة على عودة مانشستر يونايتد إلى المنافسة كما كان في عهد الأسطورة سير أليكس فيرغسون، في حين ما زال الثنائي اللندني آرسنال وتوتنهام على مسافة بعيدة من قوة السكاي بلوز من الناحية الفنية والمادية، الأمر الذي قد يكون سببا في استسلام الإدارة الأمريكية المستحوذة على الريدز في الأمتار الأخيرة للمفاوضات.

السيناريو الأخير

يبقى السيناريو الأخير والمحتمل في فصل الصيف، أن يضطر ليفربول الى بيع صلاح، بأفضل وأعلى عائد مادي، قبل أن يحق له الرحيل بالمجان بموجب قانون بوسمان في الصيف التالي، وفي هذا الحالة، لن تخرج وجهة أبو مكة عن «حديقة الأمراء» أو «سانتياغو بيرنابيو»، وذلك بطبيعة الحال، لقدرة النادي الباريسي على دفع رسوم إطلاق سراحه من «آنفيلد»، بجانب الالتزام بتكاليف راتبه المرتفع، ونفس الأمر بالنسبة للنادي الملكي، هو أيضا لا يواجه مشاكل على المستوى الاقتصادي، بعد نجاح الرئيس فلورنتينو بيريز في الخروج من ضائقة كورونا بأقل الخسائر، وتعويض أضرار توقف تدفق المال عبر بيع اللاعبين والتخلص من أصحاب الأجور الضخمة، لتخفيف الفاتورة في الوقت الراهن، وأيضا لإفساح المجال للغالاكتيكوس والنجوم المنتظرة في المرحلة المقبلة. بينما يبدو برشلونة، الطرف الأقل حظا في هذه المنافسة، استنادا لما قاله الرئيس جوان لابورتا، عن استحالة التوقيع مع صفقة ضخمة في الوقت الراهن، لحاجة الخزينة لمزيد من الوقت، حتى يعود الاقتصاد بنفس القوة التي كان عليها في الماضي، حين كان منافسا في السوق وقادرا على الشراء بأي ثمن، إلا إذا وجد الرئيس المحامي لابورتا طريقة ما، لتوفير المال المطلوب للتوقيع مع صلاح، على أمل أن يكون القطعة النادرة المفقودة في مشروع تشافي هيرناندز، مع تبخر حلم التوقيع مع هالاند. أما المرشح المفاجئ المحتمل، فهو بايرن ميونيخ، لتمتعه بالبيئة والطموحات التي يبحث عنها صلاح بعد تخطي حاجز الـ30، باللعب مع فريق مشبع بعقلية الفائز، ولا يتوقف عن تسجيل الأهداف ومعانقة البطولات، سواء على المستوى المحلي أو القاري، الأمر الذي قد يضاعف فرصه في تحقيق حلمه الكبير، بالفوز بالكرة الذهبية، خاصة بعد التعديلات الأخيرة على قواعد اختيار أفضل لاعب في العالم، نفس الإغراء المتاح في «سانتياغو بيرنابيو» وبدرجة أقل في البارسا والنادي الباريسي. وفي كل الأحوال، سيكون من الصعب جدا، رؤيته بقميص ناد آخر من كبار البريميرليغ، لارتباطه العاطفي بجماهير ليفربول، والسؤال الآن: من يا ترى سيرفع الراية البيضاء في نهاية المطاف؟

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار