المنظمة حصن التمثيل الوطني

29 مايو, 2022 10:09 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة 

رام الله -شكل تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر القمة العربية في أكتوبر 1964 نقطة تحول هامة في كفاح الشعب العربي الفلسطيني، والذي دشن مرحلة نوعية جديدة مع عقد مجلسها الوطني الأول في 28 أيار / مايو من ذات العام في القدس العاصمة الفلسطينية، وتضاعفت وتعمقت أهمية ومكانة المنظمة في الدورة الخامسة للمجلس الوطني عام 1969 مع تمكن فصائل الثورة الفلسطينية المعاصرة من الإنخراط فيها، والامساك بمقاليد الأمور في دفة قيادتها، حتى باتت فعليا تمثل الجبهة الوطنية الجامعة للكل الوطني والقومي والديمقراطي الفلسطيني. 
وكانت نقطة الذروة في التحولات الدراماتيكية في تعاظم دور منظمة التحرير عام 1974، التي تم الاعتراف بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني في القمة العربية في الرباط المغربية، مما اكسبها لاحقا اعترافا إقليميا وامميا بمكانتها التاريخية كممثل وحيد للشعب. ومع أهمية هذا الإقرار العربي الرسمي والدولي، الا انه لم يكن من زاوية أخرى، سوى تحميل الشعب والفصائل الوطنية عبر أداة تمثيلهم المركزية (المنظمة) عبء المسؤولية عن القضية الفلسطينية، واعفاء اهل النظام الرسمي العربي من تلك المسؤولية، والانسحاب التدريجي من اكلاف واثمان قضية العرب المركزية. 
وهذا الامر حقق هدفا فلسطينيا معلنا من قبل حركة فتح كبرى فصائل الثورة والمنظمة، وكان عنوانه ضرورة استقلال القرار الوطني الفلسطيني، دون ان يعني ذلك الفصل الميكانيكي بين البعدين الوطني والقومي. لكن النظام الرسمي العربي كانت حساباته مختلفة عن القيادة الفلسطينية، وهو ما عكسته تجربة الأعوام اللاحقة لقرار الإقرار بوحدانية التمثيل الشرعي للمنظمة لشعبها. 
ومع ذلك، تمكنت قيادة المنظمة خلال العقود الخمسة الماضية من حماية دورها وشرعيتها على المستويات كافة الداخلية والعربية والدولية، وتمكنت من وأد وافشال كل محاولات الالتفاف على مكانتها كممثل شرعي ووحيد بفضل جهود قيادتها الشرعية والتفاف قطاعات الشعب المختلفة حولها، والدفاع عنها، وعدم التفريط بها. لكنها (القيادة) كانت في مختلف محطات التحدي الصعبة قادرة على صون وجودها، وتعزيز تمثيلها من خلال تفعيل هيئاتها المركزية (اللجنة التنفيذية، المجلس المركزي، والمجلس الوطني)، وفتح أبواب الحوار والمراجعة السياسية والتنظيمية والكفاحية مع الفصائل الوطنية المختلفة، وجسر الهوة في نقاط الاختلاف، وتعزيز القواسم المشتركة. رغم وجود أخطاء وخطايا هنا وهناك في العديد من المحطات، ومع ذلك بقيت واحة المنظمة عنوانا للديمقراطية والتشاركية الوطنية الواسعة، وحاضنة لكل المشارب الفكرية والسياسية، وكانت فعلا لا قولا "ديمقراطية غابة البنادق" طيلة تلك العقود، وانتصرت فيها الإرادة والمصالح الوطنية رغم الافتراقات السياسية التكتيكية والتفرد التنظيمي من قبل صانع القرار، ومع ذلك أبقت القيادة أبوابها مفتوحة على كل قوى المعارضة الوطنية، ولم تغلق بابا واحدا، لا بل كانت كلما اغلق باب فتحت أبواب جديدة لتبقي جسور التواصل قائمة مع اقطاب وفصائل العمل الوطني. 
الان في الذكرى ال58 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، ومع اشتداد الهجمة الصهيواميركية، وتكالب كل قوى الردة عليها، تملي الضرورة العمل بأسرع وقت ممكن لتفعيل دور هيئاتها القيادية كلها وفي المقدمة منها اللجنة التنفيذية، التي هناك الف حاجة تنظيمية وسياسية ووطنية لعقد اجتماعاتها الدورية، وتوزيع المهام على أعضائها وفق المعايير واللوائح الداخلية لعملها، والمقرة من المجلس الوطني، والتصدي للقوى الاسلاموية ومن يركض في متاهتها من قوى اليسار لتشكيل اطار بديل تقوده حركة الانقلاب الحمساوية، التي سعت منذ انقلابها الأسود مرات عدة لتشكيل اطار مواز او بديل او نقيض ونافي للممثل الشرعي الوحيد. الامر الذي يملي على اللجنة التنفيذية، القيادة اليومية للشعب أولا تكريس دورها في قيادة المنظمة والشعب عبر الانعقاد الفوري لاجتماعاتها المتواصلة مع تصاعد وتيرة التحديات الإسرائيلية الاجرامية؛ ثانيا من خلال العمل الجاد على تطبيق قرارات المجلس المركزي دون ابطاء او تلكؤ وحسب الاولويات؛ ثالثا تجاوز السياسة الانتظارية، ومغادرة الرهان على الإدارة الأميركية، التي من الواضح انها تلعب مع القيادة لعبة الاستغماية، والعمل على إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وليس العمل على حله. وليس هذا أيضا فقط، كما انها لن تنفذ أي من وعودها التي اطلقتها؛ رابعا الارتقاء بالدور الفلسطيني بالاستفادة من الحرب في أوكرانيا، واستثمار التحولات الاستراتيجية في العالم والاقليم، وتحديد واضح لبوصلة التحالفات الأممية بمن يخدم المصالح الوطنية؛ خامسا انشاء مراكز أبحاث استراتيجية لدراسة التحولات العالمية والإقليمية والإسرائيلية؛ سادسا ولها الأولوية على ما عداها تفعيل الحوار الوطني الشامل مع كافة القوى السياسية الفلسطينية بما في ذلك حركة الانقلاب الحمساوية والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية قبلهم، لتنبيه تلك القوى وخاصة الشعبية لمخاطر الانزلاق مع قوى التآمرية، وتذكيرها بنجربة جبهة الرفض أواسط السبعينيات من القرن الماضي وغيرها من المحاولات، التي حاول بعض الدول العربية مع حماس وغيرها لتشكيل بديل عن المنظمة، الا ان  قوى اليسار الفلسطيني ممثلا بالجبهتين الشعبية والديمقراطية افشلتها. لانها رفضت رفضا قاطعا التواطؤ مع أي كان للتفريط بمكانة منظمة التحرير. الان توجب الضرورة الحوار مع الكل الفلسطيني موالاة ومعارضة وانقلابيين لقطع الطريق على اية خطايا تهدد مصالح الشعب، ودفع عربة المصالحة للامام دون وضع اية عراقيل. 
[email protected]
[email protected]      

مواضيع ذات صلة

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار