فنتازيا قمر على سمرقند

30 يونيو, 2022 12:51 مساءً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة 

رام الله -أتيح لي مؤخرا ان اغرق في زوايا التاريخ والفنتازيا والاساطير والبوليس واللغز الآسر والجنس والشيوخ والحي الروسي والحي اليهودي وليليان والغجر والتتار والاوزبيك والاذربيجان والتركمانستان والأتراك والهنود والصينيين والكوريين، والهزائم والانتصارات الوهمية فوق الارائك والخمر والنياشين النحاسية على صدور الجنرالات، والاختطاف. نص آسر غني بالصور والرموز والابطال، وان كان تعامد بطلان في تفجير ينابيع السرد عن عالمين مختلفين ربطت بينهما الصدفة والقدرية في آن، وشدت وثاق الروابط بينهما سلسلة الاحداث والتطورات الدراماتيكية العاصفة، والطريق الطويل والمتعرج والاستراحات الاجبارية اللا اختيارية غالبا بين طشقند وسمرقند مرورا في بخارى والمقامات وصولا لقصر بيبي خاتون الذي لم يكتمل، وثم تدميره على المعشوقة التي تمردت على تيمورلنك حاكم نصف الكرة الأرضية او اكثر، والنص الواصل والجامع بين سمرقند، المدينة التي لم تحرق، او التي حرقت من اجهلها مدن وعواصم التاريخ، كي تبقى متوجة عليها، تتلألأ سماءها بالقباب والقصور والنجوم و بين مصر الفرعونية العربية. 
خيط كالحبل السُّري جمع بين شاب مصري عربي وشيخ اوزبكستاني يعمل سائقا بين طشقند وسمرقند، وثقت الوشائج بينهما اللغة العربية، رغم الخوف والشك والريبة التي انتابت الشاب "علي" من شكل الرجل وملابسه وسيارته المتهتكة، الا ان كل تلك المخاوف تلاشت في غمار المغامرات الجنسية والدموية والإنسانية والدينية وحوار التاريخ وقرآن الخليفة الثالث عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وظهور الشخصية الأخرى للسايق، شخصية "نور الله" رجل الدين، المفتي وصاحب المقام الرفيع في زمن مضى في اعقاب الدراسة في مدرسة "مير عرب"، التي تهدج فيها حروف العربية الفصحى، الامام الورع المطارد من الشرطة ورجال الامن. 
سهوب وجبال وهضاب وانهار وقباب وخانات ومساجد وعوالم شتى، ومحطات ومغامرات تقصف الاعمار، وتحي العظام وهي رميم، ورغبة كل منهما سبر اغوار الاخر، جمعت بين الرجلين اثناء السفر، اطالت تلك الاحداث أمد الطريق، القت بهما في المهالك، فرقت بينهما، ثم جمعتهما ثانية وثالثة. كما جمعت بين الشيخين الطفلين "نور الله" و"لطف الله" رحلة القطار المتجه لمدرسة "مير عرب"، وهي بالاصل مدرسة "الأمير العربي" فسقطت منها الاحرف الأولى، واختزلت بما ذكر، وإنقاذ لطف الله لصديقه نور الله من العديد من الورطات والمنزلقات والمتاهات، ومحاولات نور الله انقاذ صديقه الشيخ العنيد، الى ان دفع ثمنا باهضا حتى لا يفتي بقتله، احاله لقارعة الطريق، وعلى الرصيف بين ليلة وضحاها
وكل ما تقدم، كان جسر الوصول الى سمرقند والتعرف على المرأة شبيهة بيبي خاتون "طيف"، التي أختطفت عقل وقلب الدكتور علي، والوصول الى بيت الجنرال الروسي رشيدوف، صديق والده، الذي جاء من اجل رؤيته، للتعرف من خلاله على خفايا شخصية والده الضابط الكبير، رجل الامن الكتوم، الغامض والصامت، الذي لا يظهر عواطفه، الامر الناهي المنهار والمنكسر بعدما احيل على التقاعد فجأة ودون سابق انذار بعد توقيع الصلح بين مصر السادات وإسرائيل بيغن ورعاية كارتر الأميركي. والمغامرات التي وقع فيها الدكتور علي داخل اسوار الحي الروسي في سمرقند حيث المخدرات والدعارة والخمور لمساعدة الجنرال العجوز رشيدوف لاعادة ابنته الهاربة ناديا، وحصوله على الرسائل، التي احتفظ بها الجنرال الذي بقي في مصر بفضل صداقته مع والده، ثم أُمر بالرحيل فورا مع مطالبه والد علي بالاستقالة فورا.
ثم اخذنا علي في صراعه مع والده، ومع أعداء النظام، واختطافه من داخل كلية الفنون الحربية من قبل الإرهابيين، وعودته لكلية الطب، وعلاقته العابرة مع فايزة التهامي وسلمى جوهر المختلفة، وقصة فايزة مع والدها الجنرال المهزوم وسفاح المحارم، واعتقال سلمى ورفاقها الطلاب من الجامعة لرفضهم اتفاق العار والاستسلام في كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. 
الف قصة وقصة، كما قصص الف ليلة وليلة اسرنا فيها الروائي المبدع الدكتور محمد المنسي قنديل، صاحب النص الروائي الانيق والبديع والتراجيدي والدرامي خاطف العقول والقلوب، والقابض على جمر الاحداث وعظمتها، في روايته "قمر على سمرقند" الصادرة عن دار الشروق المصرية بطبعتها التاسعة عام 2020، وجاءت في 454 صفحة من القطع المتوسط. 
الرواية من وجهة نظري نص فنتازي فيه بهاء وجمال وقوة آسرة، اخاذة، يشبه ان لم يتفوق على الادب الروائي الأميركي اللاتيني. رواية جالت في التاريخ والهويات والتضاريس والعوالم السفلية وأنظمة الفساد والعسس والهزيمة، وزندقة الشيوخ وتلونهم والنساء والحب بتجلياته وعطائه. ومع ذلك بقيت مفاتيح اسرار الرواية مغلقة نسبيا، رغم امتلاك ناصيتها. وتوقف الدكتور علي عند لحظة شراء رجال الشرطة بثمن بخس من الدولارات، دون ان تنته الرواية.
[email protected]
[email protected]     
 

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار