شيرين أبو عاقلة "صوتٌ لا يغيب"

30 يوليو, 2022 12:27 مساءً
أ. أحمد باسل عقل - الناشط القانوني و السياسي 
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

شيرين ابو عاقلة ( أيقونة السردية الفلسطينية ) 
رام الله -رصاصة واحدة أصابت شعبًا بأكمله ، كُتب علينا في فلسطين أن ننتظر الموت الذي ربما يباغتك بصاروخ بمنتصف منزلك أو رصاصة تعرف طريقها جيدًا كل، والأكثر واقعية من ذلك أن كل إنسان يسير على أرض فلسطين مشروع شهادة مؤجل.

شيرين الصوت الفلسطيني  الحر الذى كبرنا و ترعرعنا على سماعه ، كانت تذكير للعالم بأن الفلسطينين ليسوا مفهومًا فلسفيًا يجعل وجدهم محل نقاش ، كانت تختم تقاريرها بتأكيد مطلق على هويتها قائلة "أنا شيرين أبو عاقلة القدس ، فلسطين المحتلة" واضحة لا تحمل خلطًا في الكلام ولا إعتذارًا عن الوجود والهوية، بل الحقيقة فحسب التي تقهر العدو وتجعل منه محط أنظار بجرائمه ، جابت شيرين فلسطين التاريخية تروي حكايات المضطهدين في الأرض محاولةً أن تجعل العالم يرى ما يحدث في الواقع 

كانت شيرين الشهادة و الشهيدة، في طريقها إلى جنين متسلحة بالحقيقة و الكاميرا و القلم ، طريق محفوف بالخطر و الشهادة و المجد معًا.
اغتيلت شيرين على مرأى من العالم في جريمة ترقى إلى جرائم حرب اغمض العالم عينيه عنها.
أعدم الإحتلال الإسرائيلي صوتًا للحقيقة في فلسطين، حيث أن كلفة الكلمة باهظة ويصل ثمنها إلى تقديم الروح لوطنٍ تعرفُ جيدًا كيف تدافع عنه شيرين
و هنا أستذكر مقولة للأديب المصري السيد قطب ( إن كلماتنا ستبقى ميتةً لا حراك فيها هامدةً أعراساً من الشموع ، فإذا متنا من أجلها انتفضت و عاشت بين الأحياء ).

الإحتلال الإسرائيلي لم يكتفي فقط بمقتل شيرين أبو عاقلة بل دنست جنازتها و حاول نزع العلم الفلسطيني من فوق نعشها بوحشية وهمجية محتل نازي غاشي لا يعرف للسلام معنى.
إن العنف الذي حدث أثناء تشييع جثمان صوت فلسطين شيرين ارتكبه الإحتلال في وقت يدرك تمامًا فيه أن العالم كله يشاهد و هنا يراودني بعض علامات الاستفهام ؟ ماذا يحدث لباقي  الفلسطينين في باقي الايام العادية؟ وهل يرى العالم جميع ما يحدث من إنتهاكات واضحة وصريحة؟
إن العنف الذي ارتكبه الاحتلال الإسرائيلي و الذي وثقته وسائل الإعلام لم يكن تصرفًا شاذًا، بل كان مجرد يوم أخر تحت هذا الإحتلال الذي ستحل الأرض و استباح دم أبنائه و عاث في أرضه فسادًا.
سقطت شيرين في حضن السماء ورحلت بعد أن غرست في قلوبنا ذِكراها العطرة و صوتها الذي كان يحمل الحقيقة دائمًا ، سقطت فوق الأرض المقدسة دفاعا عن أرضها و قضيتها.


لقد قامت دولة الاحتلال بانتهاك صريح لقواعد القانون الدولي الإنساني و لاتفاقية جنيف الثالثة 
حيث يتضمن  القانون الدولي القواعد التي تساهم في توفير  الحماية لصحفيين وأيضًا قوانين حقوق الإنسان التي تسري بشكل مقيد في وقت الحرب.
 هناك قواعد القانون الدولي الإنساني التي تكون لها الأولوية في التطبيق في وقت الحرب وأثناء الاحتلال 
وفي ما يتعلق بالصحفيين تتضمنه معاهدة جنيف الثالثة الموقعة في عام 1949 والخاصة بمعاملة أسرى الحرب والبروتوكول الأول الملحق بمعاهدات جنيف والذي تم التوقيع عليه عام 1977 مادتين أساسيتين ينبغي الإشارة إليهما، وهما المادة 4 (أ) رقم 4 من معاهدة جنيف الثالثة، والمادة 79 من البروتوكول الأول الملحق بالمعاهدات 
فأما المادة 4 (أ) رقم 4 فتنص على أن المراسل الحربي الذي يرافق أحد أطراف الصراع سيحظى بمعاملة أسرى الحرب في حالة وقوعه في الأسر لدى أحد الأطراف، ويتمتع المراسل الحربي من خلال هذا الوضع القانوني بكافة الحقوق التي تكفلها المعاهدة للأسرى، وهذا يعني بالنسبة له أنه طبقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني ينبغي التعامل معه بشكل يحفظ له كرامته، وأنه لن يتعرض لأي إجراءات انتقامية بسبب مشاركته في تغطية أحداث الحرب 
إن ما قام به الإحتلال الإسرائيلي  بحق الصحفية والإعلامية شيرين أبو عاقلة جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي 
و عليه ينبغى في هذه المسألة  قيام السلطة الفلسطينية بتقديم شكوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية في فتح تحقيق في قضية الصحفية شيرين أبو عاقلة فبحسب تصريح صديقتها الصحفية "جيفارا البديري"  
 مراسلة الجزيرة  إن ملف الجريمة -بما يتضمنه من نتائج التحقيقات الفلسطينية- أحيل برسالة رسمية إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان قبل يومين.
وأشارت إلى أن تأخير التصريح الرسمي بشأن إحالة الملف ربما جاء لتجنب أي ضغوط دولية قد تعرقل هذه الخطوة.

لذلك على السلطة الفلسطينية تقديم الملف الكامل بأسرع وقت لضمان تحقيق العدالة لروح الشهيدة شيرين.
نبكي شيرين لأنها منا ، من شوارعنا ، من أزقة المخيمات ، نبكي شيرين لأنها صوتنا الحُر والحقيقي عبر العالم، أطفئ تلفاز ، وغادرت شيرين بيوتنا جميعا برصاصة محتل.

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار