القرصنة الإسرائيلية مجددا

03 اغسطس, 2022 09:09 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله -صادق الكابينيت الإسرائيلي يوم الاحد الماضي الموافق نهاية شهر تموز / يوليو الماضي على خصم 600 مليون شيقل من أموال المقاصة الفلسطينية مدعيا ان تلك الأموال دفعتها السلطة الوطنية رواتب لاسر الشهداء والمعتلقين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وكأن إسرائيل المارقة وصية على أموال الشعب الفلسطيني، وتقرر لقيادته اين وكيف ولمن تصرف الأموال؟ وتعمل بشكل حثيث لسلخ رموز النضال عن شعبهم، وحرمانهم من ابسط حقوقهم، ونزع اظافر المسؤولية الوطنية والأخلاقية والكفاحية عن أولئك الرموز الابطال، الذين صنعوا مجد الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية. وهذا هراء اخرق، واستهتار واستقواء واستعلاء غير مسبوق على كل الشعب العربي الفلسطيني، وليس على اسر الشهداء الانبل منا جميعا، واسرى الحرية الابطال وذويهم عناوين ورموز البطولة الوطنية، ولن تفلح إسرائيل في تحقيق نزواتها ودونيتها الاستعمارية مهما كلف من ثمن.

 ويأت هذا القرار بعد زيارة الرئيس الأميركي بايدن للمنطقة، وبعد قمة جدة العربية الأميركية، وبعد التصريحات الأميركية والغربية الرأسمالية والإسرائيلية العديدة في الآونة الأخيرة عن "التسهيلات الاقتصادية" و"تحسين مستوى المعيشة" لابناء الشعب الفلسطيني، وطرح أفكار أخرى مثل فتح المعبر الفلسطيني الأردني على مدار الساعة، وفتح مسرب خاص للفلسطينيين في مطار رامون الإسرائيلي، وبعد الضغط على شخص الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية لعدم التصعيد، وتأجيل تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، ومنح التحركات الأميركية الجديدة فرصة لعلها تحمل في ثناياها فتح افق لعملية السلام؟ مع ان الرجل اعلن، انه ليس المسيح، ولن يتمكن من فعل شيء لاستقلال دولة فلسطين سوى التمنيات، وتلك التمنيات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تضمد جرح بسيط في يد طفل فلسطيني. مع ان العالم والقيادة الفلسطينية قبلهم يعلمون ان الولايات المتحدة هي وحدها القادرة على فرض الانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضي الدولة الفلسطينية، وضمان عودة اللاجئين وفق القرار الدولي 194، ولديها كل أوراق القوة لتحقيق ذلك.   

مجددا اود التأكيد، على ان مطلق انسان فلسطيني او عربي او اممي يخطىء خطأً مميتا لمجرد الافتراض بإمكانية احداث نقلة إيجابية في أوساط النخب الحزبية والسياسية الإسرائيلية لتعبيد طريق السلام. لانه لا يوجد في دولة الاستعمار الإسرائيلية شريكا لبناء جسور التسوية السياسية، وكون تلك الدولة  قامت بالأساس على أسس مزورة وكاذبة واستعمارية لنفي الشعب العربي الفلسطيني من ارض وطنه بشكل كامل، وليس من تم طردهم وتهجيرهم في عام النكبة 1948 وعام الهزيمة والنكسة في 1967 وما تلا ذلك، وفي ذات الوقت سنت القوانين العنصرية لتهيئة الأرضية لتك العملية الاجرامية القادمة، ومنها وابرزها "قانون أساس القومية للدولة اليهودية" في تموز / يوليو 2018، وقبلها قانون "النكبة" وتشريع المستعمرات والبؤر الاستعمارية وضم القدس ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم ومدنهم وقراهم وفقا للقرار الدولي 194 وغيرها من القوانين ذات الصلة بتعميق وتوسيع عمليات الاجلاء والاحلال وفقا لشعار الحركة الصهيونية الناظم للسياسات والمخططات الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني، وعنوانه "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض".

وعليه فإن سياسة القرصنة واللصوصية الإسرائيلية ليست وليدة الامس، انما هي السياسة التي ارتكزت عليها العملية الكولونيالية برمتها. ولا يمكن لدولة إسرائيل المارقة التوقف عند حد معين. لانها لا تستطيع، وفي حال حاولت ان تنتهج سياسة مغايرة، عندئذ لا تكون إسرائيل التي نعرفها، وهذا لن يتم الا تحت ضغط وتكاليف عالية للاستعمار الإسرائيلي. اما ان تبادر القيادات الحكومية بمستوييها السياسي والعسكري لاتباع سياسة إيجابية نحو مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، فهذا من سابع المستحيلات. ويتنافى مع جوهر مركبات دولة المشروع الصهيوني.

ولا مجال امام الشعب العربي الفلسطيني وقيادته السياسية لالزام إسرائيل بوقف سياسة البلطجة والتشبيح والقرصنة الا بالعمل على الاتي: أولا تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي؛ ثانيا إعادة ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، وتعزيز عوامل الصمود والوحدة؛ ثالثا وهذا يعني طي صفحة الانقلاب وفقا للاتفاقات المبرمة بين فصائل العمل السياسي الفلسطيني، ومن خلال تنشيط المبادرة السياسية الجزائرية وبالتعاون مع الشقيقة مصر الراعي الأساس لعملية المصالحة؛ رابعا تصعيد حقيقي وكامل وشامل للمقاومة الشعبية في مختلف الاراض الفلسطينية تحت قيادة وطنية موحدة وغرفة عمليات مركزية وغرف عمليات مناطقية؛ خامسا الضغط على دول العالم التي لم تعترف بدولة فلسطين للإسراع بالاعتراف بها وخاصة دول الاتحاد الأوروبي؛ سادسا الارتقاء بمكانة فلسطين في الأمم المتحدة لدولة كاملة العضوية؛ سابعا الزام الاشقاء العرب بتامين شبكة امان مالية للشعب الفلسطيني؛ ثامنا توسيع شبكة التحالفات الأممية، والعمل على سحب الملف جديا من اليد والسطوة الأميركية، دون الغاء وجودها من الرباعية الدولية.

اذا القرصنة عنصر أساس في السياسة والممارسة الصهيونية. ولن يتوقف الامر عند خصم ال600 مليون شيقل، وانما سيصادر الإسرائيليون كل ما له علاقة بالهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية، وسيصفون كليا كل ما يتعلق بالسلام. لانه نقيض وجودهم وبقاءهم. والرد يحتاج الى خطوات عملية لوقف الغطرسة والاستعلاء الإسرائيلي العنصري الاستعماري.

[email protected]

[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار