غابت الشمس،  وانْطَفأ القمَر

18 مارس, 2023 10:43 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

القاهرة -وكأن الفَجرْ صاَر غُروبًا، وذلك حينما غَابت عنا شمسُ الضُحى، وضِّيَاءُ النهار!؛ وانطفأ نُور القمَر وانكفأتَ القُدورْ، وغاب النور  من الدار، وغادر السرور ، والشمسُ، والقمرُ، والعطُور، والبخَور وهَاج مَوجُ البحرُ، وجَف مَاء النَّهَرْ، وكان أمرُ الله قدرًا مقدورا. 
واستمر  بعد السفر الغيابُ أيامًا، وشهورًا، وسِّنِّيِنَا، والحنين يشتدُ، ويزداد الأنين، والدموع  منا تنهمرُ  كالمطر، على فراق من كانت لنا هي الشمسِ، والقمر، وجنة العُمر، عنوان الصبرِ، والتي فقدَنَاها أبدَ الدهر؛؛؛ فما خسر  شيء من خسر المال، والأولاد، والدور، والقصور!؛ أمام خُسران جنة الديار، وعنوان العمار، وخسأ، وخاب من خسر الظَّفرْ  في الدُنيا برضاها، ولم يُكَحِل عَينيهِ بجمال رؤياها، وما عاش بارًا بوالديهِ، فقد خسر خسرانًا مُبينًا من زجر، ونَّهَرْ  أُمهُ، وأباه، ولم يكن بَحَرً  جَارٍ  زاخِر  من البرِ  لهُما، وسباق لرضاهُما، يفعل الخير، فكان رمزًا عامرًا من رموز البِر. وحينما رحلت الأمُ الدُنيا أوحَلت، وأوجَلت، وأظلمت، وطمت، وعَمت، وأعَمتَ، وأشقت، وللِفرحة الحقيقة في القلب ما أبقت!؛ فلقد قال سيدنا الحبيب للصحابي "مُعاويةُ بنُ جاهِمةَ السُّلميِّ" رضِيَ اللهُ عنه: "الزَم رِجلَها فثمَّ الجنَّةُ"؛ فَالأب، والأمُ الصالحين هُما الخيرُ ، والنور، وقمة الروعة والحسن، وجمال الحضور، وهما العبيرُ، والأزهار، والروحُ، والريحانُ، وجنة النعيم تَكمُنْ في الأمُ الصالحة لأنها رافِعة غيرُ خافِّضة، مَائزةٌ، مُميزة، مُبشرةٌ، وعند موتها بالجنة، والرضوان مُستبشرة، فهي مُباركة. طاهرة مُطهرة سيدةٌ بين كُل البشر، حينما تلقى ربها  بلا وزر، وبموتها راح ضوء الشمس، ونور القمر.
 فَالأم الصابرة الجليلة، وجههُا أنظَّرْ، وأجمل من الشمسِ في ضُحاها، ومن نورِ القمر  ليلة البدر وبعدما  تموت الأمُ فقل على الدُنيا السلام، وسلامٌ على الدنُيا، سلامُ نَعيٍ مُودعٍ للسعادة يا أبرار. ولم يتبقىَ لنا إلا أن نعيش الذكريات، ونتفكر، ونتذكر، ونتحسر، وستخسر من وزنك، ومقامِك أكثر، فأكثر؛ فالأب، والأم بحجم الجبل الشاهق العالي كانت تحمل عن أولادها كل الجروح وتداوى القروح؛ وبلسمًا للروح، بل إنها هي الروح، والدوحُ، وبِلاها صار النوح، فلا فرح، ولا مرح!. وبعد فقدِّها يَعُم الترح، ويصبحُ  العقلُ سارح، والتَفَكُرُ جارح، والصباحُ، ويَكأنهُ غَيرُ صَابِّح!؛ وذهب جمال ضوء المصباحُ، وراح، ولا براح بعد موتها، ولا ارتياح، إلا حينما ترجعُ نُفسُنا مُطمئنة لربِها راضيةً مرضية، فتصعدُ الروح للعلياء ليستقبلها ربُ الأرضِ، والسماء؛ ثم تستقبل الأمُ الصالحة ولدها فلذة كبدها في عالم الأرواح، وهناك تسرح، وتمرح، أرواح المؤمنين، والمؤمنات، ويرجع الفرح، والصباحُ الواضح الوضاحُ، وتعودُ البهجةُ، والفرحةُ يوم التلاقِ لأجمل الأرواح؛ وحتى ذلك الحين سيبقى الحنين، والأنين للأُم على مرِ العصور، ومدى مرور الشهور،  وعلى طول السنين لأمُيِ حَبيبتي، وحياتي، وروحي، وراحتي، وريحانتي، وقلبي، ومهجتي، وبهجتي، وسيدتي جنتي جنة المتقين. فَسلامٌ  لروح كل من رحلوا  من الأمهات، والآباء، وأجمل البوح من الروح، والسلام يا أمُيِ الطاهرة لكم منا أعظم سلامٌ  في الخالدين، وسلامٌ عليكم إلى يوم الدين، وسلام عليكم  عند  رب العالمين وسلامٌ عليكم مع النبيين، والشهداء، والصديقين، والصالحين، وسلامٌ على نور من نُور ٍ كانت ترى أمامها النُور  يَسِّيرَ، ويمرُ أمامها  كرامةً لها من  نُور  رب العالمين؛ نبكي فُراقِّكْ كطفلٍ فقد أمه التي كانت، وطنهُ الكبير  وهي الحنين، وجنة النعيم، ونور ضياء المتُقين، حتى أن نلتقي  في جناتِ النعيم. 
الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو  نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية/ [email protected]
رئيس المؤسسة الفلسطينية الدولية  للتنمية، والتدريب، والاستشارات

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار