صمت الفاتيكان ليس مفهوما
05 اكتوبر, 2023 07:53 صباحاًنبض الحياة
رام الله -الشعب العربي الفلسطيني بمكوناته الفكرية والسياسية وتابعية أبنائه الدينية ومقدساته الإسلامية والمسيحية كانت ومازالت عرضة لمجازر ومذابح وجرائم الحرب الإسرائيلية على مدار عقود الصراع الطويلة، وتعرضت مساجد ومقابر المسلمين وكنائس واديرة المسيحيين للحرق والتخريب، وحولت الدولة اللقيطة حياتهم لجحيم، رغم ان من اوجدها، وزرعها في فلسطين وسط الوطن العربي الغرب الرأسمالي المسيحي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا لخدمة مشروعهم الكولونيالي في تفتيت وحدة العرب، ونهب ثرواتهم، وتبديد طاقاتهم وكفاءاتهم، والحؤول دون تطورهم. مع ان اليهود تاريخيا عاشوا سادة في كنف دولة الخلافة الإسلامية عموما وفي الاندلس خصوصا، ولم يتعرضوا لأي اضطهاد يذكر، بعكس ما عانوه من اذلال وظلم واضطهاد في دول الغرب المسيحي.
وهنا تجدر الإشارة، الى ضرورة التمييز بين مسيحي الغرب والشرق العربي. فالغربيون اذاقوا اليهود الويلات، لأسباب تتعلق بدورهم الربوي، في حين ان المسيحيين العرب اسوة بالمسلمين عموما والعرب خصوصا احتضنوا اليهود دون تمييز، او اضطهاد. لكن لافتراض (اليهود) انهم "شعب الله المختار"، ولاعتقادهم الراسخ، بأن اتباع الديانات الأخرى "الاغيار" بمثابة "عبيد لهم". وبالتالي عندما اقام لهم الغرب الاستعماري دولتهم على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني عام 1948، انقلبوا على أبناء الشعب العربي الفلسطيني دون تمييز، ونكلوا واضطهدوا الجميع بغض النظر عن ديانتهم او معتقداتهم وخلفياتهم الفكرية السياسية.
وإذا توقفنا امام انتهاكاتهم العدوانية الاجرامية تجاه أبناء الشعب العربي الفلسطيني من المسيحيين من مختلف الطوائف والمذاهب، نجد ان اليهود الصهاينة المرتزقة لم يتورعوا عن ارتكاب ابشع الجرائم ضدهم على اكثر من مستوى وصعيد، أولا قاموا بطردهم من بيوتهم أسوة بالكل الفلسطيني، ومازالوا يمارسون التنكيل بهم، وارغام الذين واصلوا البقاء والتمسك باراضيهم وممتلكاتهم على الهجرة تنفيذا لخيار التطهير العرقي؛ ثانيا نهب أراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة؛ ثالثا تخريب وحرق الكنائس والاديرة وكل ما يمت للمسيحيين بصلة؛ رابعا البصق عليهم وتعريضهم للاهانات اليومية وفي مناسباتهم واعيادهم الدينية خصوصا.
وهذا ما شاهده العالم كله يوم الاثنين الماضي (2/10/2023) عندما قامت مجموعة من اليهود الأرثوذكس المستعمرين في العاصمة الفلسطينية الأبدية القدس بالبصق على أبناء الشعب من المسيحيين، وهم متجهون الى الكنيسة. وادعى زعران الصهيونية الدينية، ان هذه عادة قديمة، كشكل من اشكال الذرائعية الفجة. وكأن هذه الذرائعية تغطي عارهم وعنصريتهم وفاشيتهم، التي ينطبق عليها المثل الشعبي "عذر أقبح من ذنب". وادعى رئيس حكومة الترويكا الفاشية أن دولته المارقة والخارجة على القانون كذبا وزورا "ملتزمة التزاما كاملا بالحفاظ على الحق المقدس في العبادة والحج الى الأماكن المقدسة لجميع الأديان،" وتابع اكاذيبه المفضوحة، انه "يدين بشدة أي محاولة لترهيب المصلين،" وللايغال اكثر في التلفيق وتزوير الوقائع، إدعى انه "ملتزم باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة ضدها." السؤال المباشر هنا، ما هي الإجراءات الفورية التي اتخذتها حكومة نتنياهو؟ وهو ما يكشف انه وحكومته شركاء في الجرائم كافة ضد المسيحيين. وما ادعاه مناف لابسط الحقائق على الأرض تجاه أبناء الشعب الفلسطيني من اتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية، حيث تتعرض الكنائس والاديرة للاعتداءات المتواصلة، ليس هذا فحسب، بل حولوا العديد من الكنائس والاديرة في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وداخل أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 الى مواخير للدعارة وخمارات واسطبلات لحيواناتهم، وبعضها دمروها، وابقوها اطلالا، وشاهدة على إرهاب الدولة الصهيونية المنظم.
وهو ما أكده يوسف ضاهر، منسق مكتب مجلس الكنائس العالمي في القدس، الذي انتقد الاضطهاد الذي يتعرض له المسيحيون من قبل الجماعات الإسرائيلية المتطرفة، وجزم ان الحكومة الإسرائيلية صمتت عن تلك الجريمة، وفق "وكالة الاناضول". وتابع ضاهر "نشعر بالاضطهاد لنا كمسيحيين وللمسيحية كدين في البلد"، وأضاف "يوجد اضطهاد يهودي إسرائيلي يتم تشجيعه سواء من خلال اهمال الشرطة، او بالكلام الذي يصدر عن وزراء الحكومة الإسرائيلية." وتابع يقول "سجلنا حوالي 12 الى 13 إعتداء على ممتلكات كنسية. أما البصق فهو مستمر، ويزداد ونحن نشاهده، ويتكرر، أسبوعيا هناك حادثة او حادثتين." وخلص الى أن ما يجري هو "كراهية للمسيحية." واردف قائلا، إن "الكنائس أصدرت بالاشهر الماضية 12 بيانا دعت في آخر اثنين منها لتوفير الحماية الدولية، ولكن لا احد يتحرك." والحماية بالضرورة ليست لاتباع الديانة المسيحية، انما لكل الشعب العربي الفلسطيني، وهذا ما طالب به الرئيس محمود عباس في خطاباته كافة امام المنابر الأممية والإقليمية المختلفة.
ويبقى السؤال الواجب اثارته امام الفاتيكان ونيافة البابا، اين انتم من جرائم وانتهاكات دولة إسرائيل الفاشية تجاه اتباع الديانة المسيحية؟ لماذا لم يصدر بيانا واحدا يدين هذه الجرائم ضد المسيحيين الفلسطينيين العرب؟ وما هي خلفيات الصمت غير المبرر؟ اين مسؤولياتكم الدينية والإنسانية تجاه ما يجري على الأرض الفلسطينية؟ اترك لهم الجواب لعل الرسالة تصلهم، ويخرجون عن صمتهم السلبي.
[email protected]
[email protected]