
الغارديان عن طبيبة فلسطينية: أخذت أطفالي إلى غزة لزيارة أهلي فحوصرنا لمدة 77 يوما في حرب مرعبة
02 مارس, 2024 11:55 صباحاً
لندن-تروي الفلسطينية فرح مراد التي تعمل أخصائية أشعة في لندن، تفاصيل مرعبة عن زيارتها وأطفالها للاطمئنان على الأهل والأقارب في غزة قبل بدء الحرب في السابع من أكتوبر /تشرين أول الماضي، ثم ما لبث أن عاشت حصارا إسرائيليا قاسيا استمر 77 يوما.
وتقول فرح في مقالة نشرتها في صحيفة الغارديان البريطانية: “عندما وصلت أنا وأطفالي الثلاثة الصغار إلى غزة في شهر آب/ أغسطس الماضي، كنا نتطلع إلى إجازة لمدة شهرين لزيارة عائلتي بعد 10 سنوات أمضيناها في بناء حياتنا في الخارج وفي المملكة المتحدة… أنا أخصائية أشعة، ولكن منذ إنجابي لأطفالي الصغار أصبحت أما بدوام كامل، وأستعد لامتحانات الزمالة بينما يعمل زوجي طبيبا جراحا في لندن”.
وتتابع مراد “أردنا صنع ذكريات سعيدة للأطفال الذين تبلغ أعمارهم تسعة وأربعة و18 شهرا، حيث يتعرفون على أقاربهم ويشاهدوا للمرة الأولى، المكان الذي نشأت فيه. ولم يخطر ببال أحد منا أننا سنحاصر في حرب مرعبة، ونصبح غير أكيدين إذا ما سنرى بعضنا البعض مرة أخرى”.
تقول فرح “إنه ولدى وصولها على غزة عبر مصر، عانقت والدتها عناقا حارا وطويلا جدا، ثم بدأت الأيام الجملية حيث كانت تستمتع بالكعك اللذيذ الذي تصنعه الوالدة، وقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء من زمن الدراسة في الجامعة والاستمتاع بغروب الشمس على شاطئ غزة. لكن في الساعة السادسة من صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، استيقظت أنا وعائلتي في منزلنا بحي الرمال في الشمال على أصوات عالية، وهرعنا لمتابعة الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة ماذا كان يحدث. ثم بدأت الحرب عند منتصف الليل. وتلاها أسبوع صعب من الليالي الطوال التي اهتز فيها المنزل من الغارات الجوية القريبة، ثم جاءت الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء”.
وعن حالة أطفالها تضيف “لم يشهد أطفالي الحرب من قبل، لأنهم لم يعيشوا في غزة. لكن في تلك الأيام الـ 77، رأينا الموت أمام أعيننا… يمكنهم أن يتذكروا كل التفاصيل، ويتذكروا اللحظات الأكثر رعباً وإهانة خلال السير لساعات طويلة تحت القصف المستمر، حيث كان القناصون والدبابات الإسرائيلية يوجهون رصاصهم نحونا عبر ما كان من المفترض أن يكون ممراً أمنا في رحلة الإخلاء من الشمال إلى الجنوب. وبينما كنا نعيش هذا الجحيم، ظللت أفكر: “كيف يحصل هذا؟ كيف لا يستطيع أحد أن يوقف ما يحدث لنا؟ كيف تركنا العالمُ وصناعُ القرار والذين يقولون إنهم يدافعون عن حقوق الإنسان لوحدنا لنعيش هذا الأمر؟”.
وعن الأيام التي قضتها مع عائلتها خلال الحرب الإسرائيلية تقول: “انتهى بنا الأمر بالفرار من مكان إلى آخر في غزة لمدة 77 يوما، حيث كنا نعيش كابوس البقاء والموت والخوف، وهو كابوس ما زال يلاحقنا فلا نستطيع أن نستيقظ منه، حتى بعد أن كنا من بين المحظوظين الذين تم إجلاؤهم من القطاع”.
وتوضح “كل ما نحلم به أنا وأولادي الآن هو السلام والقدرة على العيش. ولكنني أريد أيضا أن يسمع العالم أصواتنا ويرى ما يحدث لنا. تخيل كيف عشنا كل لحظة، لا أعرف كيف نجونا، ولا أعرف إذا كان أهلي في غزة سينجون، فكل ما أتمناه هو أن تتوقف هذه الحرب”. ثم تقول: “ما زلت أشعر بالذنب في كل لحظة أتذكر فيها أن أحبائي ما زالوا هناك، لكن رؤية التضامن في احتجاجات لندن تمنحني الأمل. الآن، عندما أرى دعم الناس في شوارع لندن وآخرين يشاركون قصصنا ويظهرون الحب والتضامن، أشعر بإحساس بالارتياح. أتمنى فقط أن تنضم المملكة المتحدة، البلد الذي أحبه، والذي بنينا فيه حياتنا، أن تقوم مع الحكومات الأخرى بالدعوة إلى وقف إطلاق النار فورا، وتمارس الضغط لوقف هذه الإبادة الجماعية التي تتكشف يوما بعد يوم”.