فضل المسجد الأقصى المبارك
29 اكتوبر, 2024 04:21 مساءًغزة - إنها أَنَفَس، وأشرف وأطَهر، وأقَدس، وأجمل، وأحلى، وأعظم، وأرق، وأرقى ما يكون في هذا الكون؛ عالي القيمة، والمقام في كل زمانِ، ومكان، ولا ينال شرف الرباط، والصلاة فيه، والدفاع عنهُ من الأنُفس إلا أزكاها، وأنَفَسُهَا، وأعلاها وأعظمها. مدينة القدس زهرة المدائن، فيها ذًرة التاج المسجد الأقصى المُبارك، ومُباركٌ كل ما حوله، إنهُ قبلة المُسلمين الأولى، وعروس عروبتكم، ثاني مسجد وضع في الأرض، ويقال بأن الملائكة الكرام هم من وضعوا أساساته؛ ورغم قداستهُ، ومكانتهُ العالية لكن عَز له النَصّيِر من العرب والمسلمين في هذا الزمان!؛ في ظل استمرار عمليات التهويد الزماني والمكاني للمسجد المبارك!. ومن المعلوم بأنه لا يوجد في الدُنيا إلا حَرَمان اثنان فقط هُما: "مكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف"، ولكن المسجد الأقصى المُبارك كذلك له منزلة مٌقدسة مُعظمة، ومباركة من رب المشرقين، وربُ المغربين، الله جل جلاله الذي جعلهُ قبلة المُسلمين الأولى، وذلك لحكمة ربانية عظيمة جليلة بليغة، وذلك قبل أن تتحول القبلة من المسجد الأقصى المبارك، إلى المسجد الحرام؛ وأعتقد بأن سبب ذلك حتى يعلم العرب، والمسلمين أهمية وقداسة ومكانة المسجد الأقصى المبارك، قبلتكم الأولى، وليبقى في الذاكرة، والوجدان، والفكِر، والعقل، والنفس، والروح، والفؤاد حينما يرفع المُسلم يديهِ في بداية الصلاة بتكبيرة الإحرام ليتذكر أن الأقصى كان القبلة الأولى للمسلمين، ويجب على الأمُة العمل على تحريرهُ من أيدى الغاصبين المجرمين عصابة المحتلين؛ ومما يؤكد قداسة، وأهمية المسجد الأقصى المبارك بأنهُ جاء ذكرهُ في سورة الإسراء، والتي جاء ترتيبها وسط، ومنتصف قلب القرآن الكريم في الجزء الخامس عشر من أجزاء المصحف الثلاثون لتؤكد أهميتهُ الكبرى وعِظم شأنهِ، وبركتهُ، وأن مكانهُ بمقام القلب والروح للجسد؛ وكانت رحلة الإسراء، والمعراج إلى المسجد الأقصى المبارك ثم إلى السماوات العُلا في سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم والذي صلى إمامًا بكل الأنبياء، والمرسلين في المسجد الأقصى المبارك. ولذلك فإن الجهاد لتحرير أرض الرباط فلسطين، والمسجد الأقصى المبارك يحتاج لأصحاب همم عالية، وهمة تعلو كل قمة فلا ينال شرف تحريره، والدفاع عنه إلا الأبطال، الأبطال، والرجال الرجال، ولا يطُول فعل ذلك من العرب والمسلمين إلا كل غالِى، وعالي ممن يبذل الغالي، والنفيس لتحريره؛ ويقدم نفسهُ، وروحه الطاهرة المُطهرة في سبيل الله، ومن ثم لتحرير المسجد الأقصى المبارك مَسْرَى رسول الله صلى الله عليه وسلم من براثن الكافرين الغاصبين المحتلين المجرمين الصهاينة. فمن المسجد الأقصى المبارك، ومن حائط البراق المبارك، وبرفقة سيدنا جبريل كبير وحي السماء من الملائكة الكرام عُرِجَ بسيدنا النبي إلى السموات العُلا في ليلة الإسراء والمعراج، قال الله تعالى: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ "؛ ومن أجل بيان أهمية المسجد الأقصى المبارك شرعًا نورد بعض الأدلة الشرعية؛ فقد جاء في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربـطـته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم عـُرِجَ بي إلى السماء )، فكانت صلاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالأنبياء في ليلة الإسراء والمعراج دلالة واضحة على أن آخر صِبغة للمسجد الأقصى هي الصبغة الإسلامية، فاستقر نسب المسجد الأقصى إلى الالتصاق بالأمة الإسلامية التي أمَّ رسولها ـ صلى الله عليه وسلم ـ سائر الأنبياء فيه، ولا شك كذلك أن في اقتران العروج بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السماوات العلى بالمسجد الأقصى دليل على مدى ما لهذا البيت من مكانة عظيمة عند الله تعالى، ومنزلة عالية عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم، وأمته؛ والمسجد الأقصى قبلة الأنبياء وقبلة المسلمين الأولى، وذكر القرطبي وغيره عند تفسير قول الله تعالى:" إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ": " إن أول بيت وضع في الأرض للعبادة هو بيت الله الحرام بمكة المكرمة، وبعده المسجد الأقصى بأربعين عاماً "، ثم قال: " ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أول مسجد وضع في الأرض؟، قال: ( المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟، قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟، قال: أربعون عاماً، ثم الأرض لك مسجد، فحيث أدركتك الصلاة فصلِّ ) "؛ وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه -: ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً؛ والمسجد الأقصى مسجد بارك الله فيه وحوله. والصلاة فيه فضلها كبير، ولا يستطيع الدجال أن يدخله، فعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس، سأل الله ثلاثا: حكما يصادف حكمه، وملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه، إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة )، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: أن الجنة تحن شوقا إلى صخرة بيت المقدس، وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس"؛ وعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أنه: سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟، فقال: ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المُصَلَّى هو، أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان، ولقيد سوط ـ أو قال قوس الرجل ـ حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعا )، وعن جنادة بن أبي أمية ـ رضي الله عنه ـ قال: انطلقت أنا، وصاحب لي إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الدجال، ولا تحدثنا عن غيرك، وإن كنت في نفسك ثبتا، فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( أنذركم الدجال ثلاثا: فإنه جعد، آدم (أسود)، ممسوح العين اليسرى تمطر السماء، ولا تنبت الأرض، معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار، معه جبل خبز ونهر ماء، يمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ فيها كل منهل، ليس أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم، وبيت المقدس والطور، ويسلط على نفس واحدة يقتلها ثم يحييها، ولا يسلط على غيرها، ألا وإنه يقول: أنا ربكم، فمن شُبِّه عليه فاعلموا أن الله عز وجل ليس بأعور)؛ والمسجد الأقصى من المساجد الثلاثة التي تُشد لها الرحال، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: ( لا تشد (وفي لفظ: لا تشدوا ) الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى )، وبذلك يظهر فضل المسجد الأقصى المبارك، وأهميته، مما جعل له مساحة كبـيرة في قلوب المسلمين، وفي الـتـاريخ الإسلامي، وقد حافظ المسلمون على مفاتيح القدس منذ استلمها سيدنا الفاروق الخليفة الراشد العادل الصحابي الجليل أمير المؤمنين عـمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ولذلك على المسلمين أن يعرفوا منزلته، ومكانته، ويستشعروا مسئوليتهم نحوه، ويعملوا كل ما بوسعهم لتحريره من أيدي عصابة الغاصبين الصهاينة اليهود المحتلين المجرمين؛؛ وما يحدث في غزة من مجازر صهيونية، وحشية، وحرب إبادة منذ أكثر من عام برعاية، ودعم، ومساندة، عسكرية ومالية وسياسية صليبية أمريكية أوروبية للكيان الصهيوني المجرم، مما تسببت في استشهاد أكثر من خمسين ألف شهيد، ومئات ألوف الجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني البطل!؛ وهذه الوحشية تُذكرنا بوحشية الصليبين مذبحة الصليبيين في بيت المقدس حينما انطلق الصليبيون الهمج ليستبيحوا مدينة القدس المُستسلمة، ولم يجد السكان المذعورون أملاً في النجاة إلا في الاعتصام بالمسجد الأقصى؛ لعل الصليبيين يحترمون قدسيَّة المكان، أو حُرمة دُور العبادة، لكن هذه المعاني لا تشغل عقول الصليبيين، لا من قريب ولا من بعيد!؛ وذُبح في المسجد الأقصى سبعون ألف مسلم، ما بين رجل وامرأة، وطفل!! وهؤلاء هم كل سكان المدينة تقريبًا، فقد صُفِّيَتْ تمامً، بدأ حصار الجيوش الصليبية المحكم حول المدينة في يوم 7 من يونيو 1099م!؛ وكأن الزمان يعيد نفسه، فما أشبه اليوم بالأمس؛ واستطاع الصليبيون فتح أبواب المدينة من الداخل، ومن ثَمَّ تدفَّق الصليبيون بغزارة داخل المدينة المقدسة!! وكان ذلك في يوم الجمعة 22 من شعبان سنة 492هـ الموافق 15 من يوليو سنة 1099م، وهو من الأيام المحزنة التي لا تُنْسَى في تاريخ الأُمَّة!؛ وما الكيان الصهيوني المجرم اليوم إلا أداة شيطانية في يد الماسونية، الصليبية الصهيونية المجرمة للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، وفلسطين، ولكن النهاية قريبة للمجرمين الصهاينة القتلة ومن معهم من الصليبين الكفرة المجرمين، وسوف تتحرر فلسطين والمسجد الأقصى المبارك من براثن الغاصبين المحتلين القتلة، ونرى ذلك بات قريبًا إن شاء الله، وما النصر إلا صبر ساعة
الباحث، والكاتب الصحفي، والمفكر العربي الإسلامي، والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر/ محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين سابقًا وجمعية بيت المقدس الوطنية
الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المتفرغ/ غزة ــ فلسطين
رئيس الاتحاد العام للمثقفين، والأدباء العرب بفلسطين
واتس/ 00972598919333
[email protected]