تَرَامب ونتنياهو ــــــــ كلاهُما عُتُلٍّ زَنِيمٍ

08 فبراير, 2025 10:35 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

فلسطين باقية ما بقي الليل، والنهار
غزة - لن تنجح أي خطة سوى خطة الشعب الفلسطيني، وهي الصمود، ومقاومة العدو الصهيوني، وكل من يقف خلفهم حتى العودة إلى أرض فلسطين التاريخية؛ ولذلك فإن خطط تهجير ، وترحيل الشعب الفلسطيني "الترانسفير" "Transfer" مكتوب عليها الفشل، وهي خطط قديمة بدأت بتنفيذها العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني منذ عام النكبة 1948م، وحتى اليوم، ولم تتوقف العمليات التي قامت بها الميليشيات الصهيونية (وما زالت)، بدعم أمريكي بريطاني غربي من أجل ترحيل الشعب الفلسطيني من وطنه، وأرضه، وطمس الهوية الوطنية الفلسطينية!؛ ورغم كل محاولات التهجير، والترحيل من خلال ارتكاب عصابة الكيان الصهيوني أبشع المجازر والمذابح ضد الشعب الفلسطيني لكنه بقى صامدًا  في أرضه الفلسطينية  المقدسة المطهرة  صمودًا أُسطوريًا  أفشل كل المخططات الصهيونية السرطانية الخبيثة.
وبعد مرور  أكثر من عام، ونيف على حرب الإبادة الوحشية الصهيونية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تلك الحرب المدعومة بشكل كامل من أمريكيًا، أطل علينا الرئيس الأمريكي المهووس "ترامب"، والمريض نفسيًا ليتخذ بكل صلف ووقاحة عدة قرارات حمقاء مثلهُ من بينها إعلانه عن خطة تهجير ، وترحيل سكان قطاع غزة!؛ وكأن غزة وشعبها الأبي سلعة تباع، وتُشترى عند هذا السمسار  الفاجر  في تصريح أهوج، أو قرار يَخُطه بجرة قلم، ولا يساوي قراره الحبر الذي كُتب به!؛ وتلك القرارات الحمقاء التي صرح بها ترامب قد تكون بداية الانهيار  لتفكك الولايات المتحدة الأمريكية؛ ولا شيء أسرع في خراب الدّول من تسليم زمام أمرها لأحمق تاجر مهووس، وما يصرح به الرئيس الأمريكي الحالي هو تعبير واضح عن ذهنية استكباريه استعمارية ترى الأرض سلعة قابلة للمقايضة، وتتعامل مع الشعوب كمجرد عوائق أمام مشاريعها وخاصة عندما يقول: "أناس من جميع أنحاء العالم سيعيشون في قطاع غزة"، و"أشعر أن الأردن ومصر سيقدمان الأراضي اللازمة لخطتي الخاصة بتهجير الفلسطينيين، وأتوقع أن تكون للولايات المتحدة ملكية طويلة الأمد في غزة"، و"غزة يمكن أن تصبح ريفييرا الشرق الأوسط"!؛ إنهُ لا يتحدث من فراغ، بل يكشف عن رؤية استعمارية متجددة تتجاوز الاحتلال العسكري المباشر إلى إعادة هندسة الجغرافيا والسكان، وفق مصالح القوة الكبرى. هذه التصريحات تعكس فهمًا أمريكيًا مشوّهًا لمفهوم الأرض والانتماء؛ فهو ينظر إلى غزة كفرصة استثمارية، كقطعة عقارية يمكن تطويرها وفق منطق "المستثمرين"، وليست كأرض لها شعبها، وتاريخها، وروحها، هذا هو جوهر الرؤية الغربية التي ترى الأرض مجرد مساحة جغرافية بلا هوية، وتتعامل مع السكان الأصليين كعقبة يجب التخلص منها أو دمجها قسرًا في مخططات جديدة؛ فعندما يتحدث ترامب عن "ملكية طويلة الأمد في غزة"، فهو يعيد إنتاج فكرة الاستعمار الاستيطاني بوجه جديد: ليس فقط عبر الجرافات والجيوش، ولكن عبر رؤوس الأموال، والصفقات والوعود الزائفة بتحويل المأساة إلى "ريفييرا". لكن الأرض ليست مشروعًا عقاريًا، ولا يمكن أن تُشترى وتُباع كسلعة؛ ومدينة غزة ليست مجرد شاطئ على المتوسط، بل هي إرث وطني نضالي، جهادي، وأرض مباركة، مقدسة ضاربة جذورها في عبق التاريخ، هزمت، ودحَرت الغزاة ممن مروا عليها عبر الأزمنة، وانصرفوا، وبقيت فلسطين بكل مدنها وقراها المباركة؛ حيثُ يسعى المحتل الصهيوني من خلال الدعم الأمريكي الواسع لتفريغ فلسطين من أهلها لإقامة دولة يهودية خالصة تتوافق مع الخطة التي وضعها المجرم  الصهيوني المتطرف وزير مالية العدو سموترتش عام م٢٠١٧م؛ وهذه الأفكار والخطط اليهودية الأمريكية التي أعاد ترديدها الفاسدين ترامب، ونتنياهو في لقائهم، ومؤتمرهم الصحفي يوم الثلاثاء الرابع من نوفمبر  2025م بحيثُ يُعارض، ويخالف كل العالم، ويتعارض مع القانون الدولي، والشرعية الدولية، ومع الحق التاريخي للفلسطينيين في أرضهم ومع حقيقة أن فلسطينيي غزة ككل الشعب الفلسطيني المتواصل الحضور على أرضه منذ أكثر من ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد، والذي أثبت قدرة منقطعة النظير على الصمود، والبقاء في ظل كل أشكال الاحتلال البريطاني واليهودي، بل إن الشعب الفلسطيني ساهم في بناء، وتعمير، وتعليم الكثير من دول العالم في كافة المجالات، ولا يزال الشعب الفلسطيني مرابط في قطاع بالرغم ما حصل له من حرب الإبادة والتطهير العرقي الصهيونية الأمريكية، وهو قادر، ويستطيع إعادة إعمار قطاع غزة في أقل من خمس سنوات، ومن غير مساعدات خارجية، اذا ما نال حقه من غاز  غزة (مارين ١و٢) الذي تسرقه عصابة العدو الصهيوني المجرم؛ حيث يُقدَّر احتياطي "غزة مارين 1 و2" بنحو 1.4 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. غزة التي يبُدي ترامب حرصه الكاذب على شعبها ويريد لهم حياة مربحة خارجها، مع أنهم لم يشتكوا من العيش فيها ومتمسكون في أرضهم رغم أنه تم تدمير حوالى  80% من قطاع غزة من خلال قصف الطائرات الأمريكية بالصواريخ الأمريكية الصنع، وتوفير الدعم الأمريكي غير المحدود للكيان الصهيوني المجرم!؛ ومع اتساع الحديث حول تهجير سكان غزة، نقول لترمب والنتن ستذهب مخططاتكم أدراج الرياح ومصيركما إلى لمزابل التاريخ وستبقى غزة العزة، ولا هجرة إلا  العودة من اللجوء إلى كل فلسطين التاريخية المحتلة بعد عام النكبة 1948م؛ وغزة لن تكون جزيرة معزولة ولا مستعمرة استيطانية تحت السيطرة الكاملة من المحتلين. وحدث في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد فتح الإسكندر الأكبر ابن فيليب المقدوني العديد والكثير من المدن وقضى على الكثير من الممالك، حتى استطاع تكوين أكبر إمبراطورية عرفتها الإنسانية، تبدأ من مقدونيا شمال بلاد اليونان، وبلاد اليونان جميعها، ثم آسيا الصغرى، فسوريا ومصر، وأخيرا بابل؛ وحينما وصل الاسكندر غزة، وقفت سدًا منيعًا في وجه وقاومهُ شعبها الفلسطيني البطل، وأفسدت غزة نشوة انتصار الإسكندر، حتى أنه كان يشعر بمرارة بالفشل رغم نجاحه في كسر شوكة، وصلابة أغلب دول العالم، ولذلك كال لها الانتقام  الشديد لأن  غزة أفشلتهُ.  إن غزة التي قاومت الحصار، والعدوان، وحرب الإبادة الوحشية، وصمدت على مر العقود، وقدمت قوافل من الشهداء، لن تكون جزيرة منفصلة عن عمقها الوطني الفلسطيني، ولن تتحول إلى منتجعات سياحية أو مستعمرة جديدة للمستوطنين، فصمود أهلها ونضالهم وتضحياتهم يؤكد أن محاولات فرض وقائع جديدة على الأرض ستبوء بالفشل، كما فشلت كل المشاريع الاستعمارية السابقة، ويدرك الشعب الفلسطيني، في غزة والضفة، والقدس والشتات، أن هذه المخططات ليست سوى امتداد للمشروع الصهيوني الساعي إلى تصفية القضية الفلسطينية، لذلك، يجب أن يكون الرد الفلسطيني حاسمًا بتعزيز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، والتمسك بالثوابت الفلسطينية، كما يجب على الجميع، وفورًا إنهاء  الانقسام البغيض، والانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها البيت السياسي الجامع لكافة الكيانات الفلسطينية كي تكون قادرة على قيادة النضال في هذه المرحلة الخطيرة والتي تتطلب موقفًا فلسطينيًا، وعربيًا لمواجهة محاولات الترحيل والتهجير القسري. 
الباحث، والكاتب الصحفي، والمفكر العربي الإسلامي، والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر/ محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المتفرغ/ غزة ــ فلسطين
رئيس الاتحاد العام للمثقفين، والأدباء العرب بفلسطين
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار