الصفقة المرفوضة 
نشر في : 18 يناير, 2022 09:40 صباحاً

نبض الحياة 



القدس عاصمة فلسطين-بعد ادعاءات كاذبة وتسويف ومماطلة لسنوات، ومناورات غير مسبوقة للبقاء على كرسي الحكم، دفع أخيرا الملك الحاوي، بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء السابق صديقا مشتركا له وللمستشار القضائي للحكومة كي يدخل على خط فتح أبواب المساومة بينهما على صفقة مقبولة تحول دون دخول بيبي الزنزانة، ولا تصمه بالعار، وتحذف بعض الملفات من قضايا الفساد وخيانة الأمانة وفقا لما نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت". وتشير المعلومات ان محامي نتنياهو والنيابة العامة عقدوا خمسة لقاءات حتى اللحظة لبلورة محددات المساومة المرفوضة مبدئيا من الرأي العام الإسرائيلي، حسب ما ورد في صحيفة "هارتس". 

ورغم الادعاء ان اسرة نتنياهو ترفض المساومة، الا ان من يعرف رئيس الوزراء السابق وعلاقته بزوجته سارة، يدرك ان هذا الرفض شكل من اشكال الالاعيب الكاذبة، وحتى يبدو وكأن زعيم الليكود "رضخ" لخيار صديقه المشترك، وانه استجاب للكذبة المتداولة، والقائلة، ان ذلك الصديق عرض الوساطة من باب الحرص على "الدولة" الإسرائيلية، وتخفيف الضرر نتاج استمرار جلسات المحاكمة، ليس سوى تخريج وسيناريو مفضوح وهزلي اكثر من اللازم. لان الحقيقة عكس ذلك، كون الساحر والملك المتوج في إسرائيل أولا لم يهتم ابدا بمصالح الدول، وكل همه هو البقاء في كرسي الحكم، ولهذا راوغ وكذب وسوف وماطل، ونفي الف مرة التهم المثبتة عليه في قضايا الفساد الثلاث 1000 و2000 و4000، وبالتالي لا أساس من الصحة لذريعة صديقهم المشترك، كما ان نتنياهو لا يخرج مليمترا واحدا عن طوع وقرار سارة، وعليه كذبة رفض الاسرة لا أساس لها من الصحة. كل ما في الامر اراد الفاسد النزول عن شجرة المناورة والاكاذيب لعقد صفقة مع المستشار القضائي للحكومة قبيل رحيله نهاية الشهر الحالي. 

وتفيد المصادر ذات الصلة بالصفقة المرفوضة من الشارع الإسرائيلي حسب استطلاعات الرأي الخمسة، التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية، فإن بيبي وافق على الاعتراف بتهمتي الاحتيال وخيانة الأمانة في الملفين 1000 و4000، والا يتهم بالرشوة في الملف 4000، واسقاط الاتهامات في الملف 2000، والا يوصم بالعار، وقبل الاستقالة من الكنيست، وان تكون العقوبة خدمة الجمهور لمدة ثلاثة شهور. 

من الواضح ان هناك رائحة عفنة تفوح من عملية المساومة بين نتنياهو ومندلبليت، رغم ان المستشار القضائي يحاول ان يوحي انه متشدد نسبيا في مواقفه، او بتعبير آخر لا يستطيع تقديم تنازلات لصديقه الفاسد اكثر مما منحه. وأشار المغادر منصبه مع نهاية الشهر، الى انه لن يساوم على تثبيت "وصم نتنياهو بالعار"، وضرورة تنحيه وخروجه من الحياة السياسية لسبع سنوات، والسجن او خدمة الجمهور لمدة ثلاثة شهور او اكثر. لان ملف الفساد السلطوي، الذي ارتكبه رئيس الوزراء السابق خطير، وعليه لا يملك إمكانية للتخفيف من استخدام مفهوم "وصمة العار" ضده. 

مع ذلك نتنياهو وفريقه من المحامين وصديقهم المشترك يحاولون الضغط على مندلبليت حتى اللحظة الأخيرة من وجوده في موقعه كمستشار، وفي محاولة لكسب الوقت المتبقي لانتزاع تنازل جديد منه، او لاضفاء جانب درامي على لعبة المساومة المشتركة، ولاخراجها بالشاكلة التي لا توحي بالتواطؤ مع ملك الفساد من قبل المستشار القضائي. 

رغم ان الشارع الإسرائيلي تساوق مع رغبات ونزعات نتنياهو طيلة السنوات الماضية من حكمه، وحتى الان يعتبره رجل الحكم المفضل، وهناك نسبة لا تقل عن 25% مازالت تدعمه، وتنفي اتهامه بالقساد، مع ان شروط المساومة باتت منشورة في المنابر الإعلامية، ويعترف زعيمهم المفضل بخيانة الأمانة والاحتيال. بيد ان النسبة الأكبر من استطلاعات الرأي الإسرائيلية والتي بلغت 51% في احداها، ترفض الصفقة، وتعتبرها بمثابة التفاف على القضاء، وتهريب بيبي من البوابة الخلفية للسجن. لان الحكم بخدمة الجمهور لثلاثة اشهر، مزحة ثقيلة ومعيبة، على رجل تؤكد الاعترافات ضلوعه الواضح والخطير بالفساد. كما ان خروجه من الحياة السياسية، لا يعني استقالته من زعامة الليكود، مع ان اسنان تسعة شخصيات ليكودية سنت لخلافته. 

اضف إلى ان اركان حكومة بينت / لبيد تخشى الوصول لصفقة نتنياهو مندلبليت، لان غيابه الشكلي عن المسرح السياسي يفتح الباب امام إعادة خلط الأوراق بين كتل اليمين والليكود منزوع الدسم بلا نتنياهو، وبالتالي إمكانية بقاءها (الحكومة) مشكوك فيه. اذا نحن امام أيام قليلة وتتمظهر الصورة باجلى صورها. والتي أي كانت مخرجاتها، سيكون لها ما بعدها في المشهد الإسرائيلي.

[email protected]

[email protected]