العقل الصهيوني يبقى عاجزا عن التفكير خارج ثقافته العنصرية والإرهابية ..!
نشر في : 10 مايو, 2022 10:11 مساءً

رام الله -إثر تصاعد المقاومة الشعبية الفلسطينية وتصاعد عمليات الشباب الفلسطيني في عمق الكيان الصهيوني والتي قوضت منظومته الأمنية وكشفت عن هشاشة مجتمعه الغير متجانس وما الحقته به من خوف وهلع، انبرى قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية في المستعمرة الإسرائيلية يطلقون تهديداتهم للقيام بمزيد من العنف والإرهاب في وجه الشعب الفلسطيني ومناضليه ومقاوميه، فقد هدد وزير أمنه غانتس بالعمل على إنهيار الاقتصاد الفلسطيني في حال عدم استقرار الوضع الأمني.
(وقال بيني غانتس أمس الإثنين، 9 مايو الجاري "إننا سنقضي على الموجة الحالية من العمليات، الأمر سوف يستغرق بعض الوقت".
وأضاف غانتس في تصريحات نقلتها إذاعة "الجيش الصهيوني ": "بدون توفر الاستقرار الأمني، سيتضرر الاقتصاد الفلسطيني، وستنهار الخطوات التي بنيناها، والأرض التي يخرج منها منفذي العمليات ستتزلزل".
ونقلت القناة 12 العبرية عن بيني غانتس قوله: سنفرض ثمنا باهظا على منفذي العمليات ومرسليهم والمحرضين والبيئة المشجعة للإرهاب والقتل، سنقطع اليد التي تمسك السكين، وسنعتقل كل من ينشر التحريض والترويج للقتل باسم الدين.)
مثل هذه التصريحات والمواقف والتهديدات تثبت عجز العقل الصهيوني عن التفكير خارج الصندوق وخارج العقل الإستعماري الإستعلائي العنصري، الذي يظن أن لغة القوة والبطش والعنف والإرهاب قادرة على توفير الأمن لكيانه المصطنع، دون أن يدرك أن الإحتلال والتوسع والإستيطان هي أعتى صور الإرهاب التي تقوض الأمن له ولغيره، فلا أمن ولا سلام مع استمرار الإحتلال والتوسع والإستيطان والتنكر لحقوق الشعوب في الحرية والمساواة والإستقلال.
على العقل الصهيوني أن يدرك حقيقة الواقع وحقيقة الصراع، وأن القوة والبطش لن توقف حركة الشعوب عن القيام بواجبها في حماية اوطانها، حيث تتقدم الصفوف وتتحرك جموع الشعب الأعزل، لتقاوم المحتل وتدافع عن بقائها ووجودها، وعزتها وقيمها وعقيدتها ومقدساتها، وتعزز صمودها بمختلف الوسائل والأساليب، لتحول دون أن يحقق الغازي والمستعمر مأربه وخططه وتفشله وتلحق به الهزيمة الأخلاقية والمعنوية والمادية، رغم ما يمتلك من آلات القتل والبطش والدمار الساحقة، لكن إرادة الشعب الصابر والصامد والمرابط وصاحب الحق المناضل والمطالب لن تهزم ..
هذه الحقيقة السياسية والقانونية والإجتماعية والتاريخية الصارخة التي تتبلور وتتجسد في أرض فلسطين عامة وفي القدس خاصة والتي يسطرها المقدسيون والفلسطينيون في القدس وفي كل فلسطين، وعلى مدى قرن وأزيد والشعب الفلسطيني يواصل انتفاضاته وثوراته المسلحة تارة ومقاومته وانتفاضته الشعبية تارة أخرى في وجه الهجمة الصهيونية الغربية واستعمارها لفلسطين، يرفض الشعب الفلسطيني الإستسلام أمامها والتسليم بمخططاتها وأهدافها الإستعمارية والعنصرية الفاشية الإقتلاعية ... والشعب الفلسطيني يدرك أنه لن يضره من يعاديه مستنداً إلى عدالة قضيته ومشروعية نضاله وأحقيته في العيش في وطنه حرا سيدا آمنا مسالما..
مؤكدا ومعلنا انكسار وفشل المشروع الصهيوني وكيانه الإستيطاني العنصري الإحلالي الإقتلاعي ... الهادف إلى افراغ فلسطين من شعبها وأهلها الأصليين وفي المقدمة منها في القدس لما تمثله من هدف وغاية وعنوان لمشروعه الإستعماري، ولما تمثله من رمزية سياسية وتاريخية وقانونية وعقائدية للشعب الفلسطيني وللعرب مسلمين ومسيحيين عامة ..!
فلسطين تمثل قلب العالم العربي والإسلامي جغرافيا وديمغرافيا، فكيف يمكن لهذا المشروع الإستيطاني الإحلالي الإقتلاعي أن ينتصر وأن يتمكن من النجاح والبقاء والحفاظ على أمنه رغما عن الشعب الفلسطيني الثابت والصامد في وطنه والمقاوم لكل أشكال الإقتلاع أو الإذابة في الكيان الإستعماري ورغما عن الأمة العربية والإسلامية، إن شعب فلسطين بصموده ونضاله الأسطوري حال دون انتصار ونجاح هذا المشروع الصهيوني، الذي جاء في المكان والموقع الخطأ جغرافيا وديمغرافيا وسياسيا وقانونيا، فهو محكوم بالفشل والزوال، والمسألة لا تعدو عن مسألة زمن وصراع وعدوان مستمر حتى تكتمل شروط انكساره وزواله، وتتحقق شروط الإنتصار الكامل والنهائي عليه، وحينها تستعيد فلسطين وشعبها حقيقتها التاريخية والقانونية والإجتماعية والسياسية ..
لن يتحول هذا المشروع الصهيوني أمام هذا الصمود والنضال الأسطوري للشعب الفلسطيني إلى كيان استيطاني ناجح مثل الكيانات الإستيطانية الناجحة التي شهدها العالم، ويسعى إلى تطبيقها وتقليدها مثل نيوزيلانده أو استراليا أو كندا ...الخ من الكيانات الإستيطانية الناجحة التي شهدها العالم، فهو محكوم بالفشل مهما طال أمد الصراع معه ...
هذا الكيان مجرد كيان وظيفي من مخلفات وبقايا المشاريع الإستعمارية الغربية التي شهدتها المنطقة العربية في القرن الماضي، سينتهي بإفتقاده لوظيفته وبعجزه عن فرض إرادته على الشعب الفلسطيني ومحيطه العربي والإسلامي، لقد وجد هذا الكيان في الزمان الغلط وفي المكان الغلط ...
يدرك قادة المشروع الصهيوني ومفكريه أن نهايته تقترب مع كل جولة من جولات الصراع، لذا يزداد غلاته تطرفا وسفها وقمعا، وهذا يعميهم عن رؤية حقيقتهم العدوانية ومصيره الفاشل، من هنا يأتي التسارع به في السير نحو نهايته، فلا أحد عاقل في هذا المحيط العربي، ولا في العالم يقبل أن يستمر هذا الكيان في صلفة وتطرفه ومعاداته للحقيقة وللعقائد وللأخلاق وللقانون وللشرعية الإنسانية الدولية، فلابدَ أن تأتي ساعة الحقيقة وتأتي نهايته، التي سيواجهها كما واجهتها من قبله النظم العنصرية في جنوب افريقيا في نهاية القرن الماضي، هنا تتأكد حقيقة انتصار الكفِ الفلسطيني على المخرز الصهيوني ...!
انظروا اليوم إلى المواجهات والى تضحيات ونضالات أبناء القدس وفلسطين وشجاعتهم ورباطة جأشهم في مواجهة شرطته وعساكره، رغم ما يمتلك عدوهم من عدة وعتاد، بل انظروا إلى ابتساماتهم التي تعلو وجوههم وهم يواجهون عساكره وهم عزلا من أي سلاح، سوى سلاح العدالة والإيمان بحقهم المشروع في وطنهم، لقد انتصر المبتسمون على المدججين بالسلاح، وهنا يتجلى انتصار الحق على الباطل ..
هنا لا يملك العالم كله سوى أن ينحني احتراما وتقديرا لهذا الشباب المقدسي والفلسطيني الثائر والمنتفض ضد العدوان والإقتلاع والعنصرية والفاشية الصهيونية التي تتضح صورتها وحقيقتها القبيحة المتعارضة مع نواميس البشرية جمعاء .. وتفرض على العالم أجمع أن يهب لنصرتهم وتأييدهم ليس بالبيانات والشجب والقلق والمطالبة بضبط النفس فقط، إنما بالأفعال وبفرض العقوبات على الكيان الصهيوني وعزله ومحاصرته حتى يتم انكفائه وردعه وإذعانه للتسليم بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإنهائه لإحتلاله الغاشم لفلسطين، وتمكين الشعب الفلسطيني في وطنه من حقوقه كافة، من حق العودة إلى حق الدولة وتقرير المصير....
نعم هكذا الكف الفلسطيني يلاطمُ ويواجه المخرز الصهيوني وسينتصر عليه، ولن ترهبه تهديدات غانتس وغيره من قادة المستعمرة الإسرائيلية، وسيبقى العقل الصهيوني عاجزا عن التفكير خارج صندوق ثقافته العنصرية الإستعمارية الإحلالية القائمة على القمع والبطش والإرهاب، ويفتقد القدرة على التقاط اللحظة التاريخية المناسبة اليوم قبل الغد لوقف مسلسل احتلاله وارهابه والتسليم بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإنهاء هذا الصراع الذي لن يتوقف إلا بهزيمته وكنس احتلاله واستيطانه واسقاط كيانه العنصري والفاشي القبيح.
د. عبد الرحيم جاموس
10/5/2022 م
[email protected]