الاقتحامات وشيرين والنكبة
نشر في : 15 مايو, 2022 09:48 صباحاً

نبض الحياة 

رام الله - نقف اليوم الاحد الموافق 15 أيار / مايو 2022 في محافظة رام الله والبيرة من امام ضريح الشهيد الرمز المؤسس ياسر عرفات لنحي الذكرى ال74 الأليمة لنكبة الشعب العربي الفلسطيني، ونؤكد من كل الميادين والساحات في المحافظات والتجمعات داخل حدود فلسطين التاريخية وفي الشتات من كل المخيمات والمغتربات بأن حق العودة آت لا ريب فيه، وان عقارب الساعة تدور عقاربها بدقات متواترة لتعلن عما قريب عن بزوغ فجر فلسطيني. وهذه ليست نبوءة، ولا حساب للايات القرآنية ولا ضرب في المندل، ولا قراءة في الفنجان، وانما تزكيها وقائع الماضي والحاضر واستشراف المستقبل. 
مضى 74 عاما طوال على نكبة الشعب الفلسطيني، وتأسيس دولة اسبارطة الصهيونية على انقاض طرد وتشريد وتهجير قرابة المليون فلسطيني عام 1948، وكان هدف الغرب الرأسمالي صاحب المشروع الكولونيالي الصهيوني، واداته الحركة الصهيونية الرجعية العنصرية وعصاباتها الإرهابية نفي الشعب الفلسطيني كليا من الجيو سياسي للوطن العربي، فضلا عن تجسيد اهداف مؤتمر كامبل نبرمان 1905/1907 واتفاقية سايكس بيكو 1916 ومؤتمر سان ريمو 1920 ... إلخ، والتي تهدف جميعها لتمزيق وحدة شعوب الامة العربية، ونهب خيراتها، والحؤول دون تطورها وبناء مشروعها القومي النهضوي. 
ورغم تحقيق اهداف تفتيت وحدة العرب إلى دول قطرية، ومن ثم إلى خلق دول الطوائف والمذاهب والهويات القزمية الأخرى التي استهدفت النفي الكلي للهوية القومية العربية، الا ان كل مشاريع وخطط الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة وادواتها في المنطقة والاقليم وفي المقدمة منها القاعدة المادية للحركة الصهيونية (إسرائيل) لم تتمكن من اقتلاع وتصفية الوجود الفلسطيني من ارضه، وشطب هويته الوطنية والقومية، وباءت كل مؤامراتها وحروبها واجتياحاتها واقتحاماتها وادواتها الوظيفية المختلفة من تحقيق مآربها، لا بل العكس صحيح، تجذر الشعب الفلسطيني في ارض وطنه، ودافع عن هويته وشخصيته، واعادت الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد الاعتبار للبعد السياسي، وتمكنت، رغم كل مثالب ونواقص وعيوب أوسلو من تكريس الكيانية الفلسطينية على الأرض وبالاتفاقية المشؤومة ومن خلال قرارات الشرعية الدولية، وتواصل القيادة الفلسطينية التقدم بخطى وئيدة وبطيئة نحو تحقيق اهداف الشعب في انتزاع الاستقلال الكامل للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وتأمين العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة. 
كما ان تعداد السكان الفلسطينيين تجاوز السبعة ملايين نسمة، وفاق عدد اليهود الصهاينة داخل الحدود التاريخية لفلسطين، ومع تعاظم هذا الوجود تفاقمت وتعمقت ازمة الحركة الصهيونية ودولة التطهير العرقي الإسرائيلية، والتي دفعت، وتدفع يوميا النخب الصهيونية لاعلان افلاس مشروعهم الاستعماري، وانكشاف ظهره، وغياب أي افق لديمومته وتجاوزه العقد الثامن، وهو ما اعلنه اكثر من قائد سياسي صهيوني منهم: بن غوريون، وغولدمان، وبنيامين نتنياهو، وايهود باراك ومئات الجنرالات العسكريين بالإضافة لمئات الكتاب والباحثين والمؤرخين والإعلاميين، شلومو ساند، والان بيبه، واري شبيط واودي اديب وغيرهم، وفي الوقت ذاته يندفع المجتمع الإسرائيلي اكثر فاكثر نحو التطرف والعنصرية والفاشية والمناداة بتوسيع وزيادة عمليات التطهير العرقي والترانسفير للفلسطينيين لتخفيض عددهم، وتقليص وجودهم في كل الأرض الفلسطينية بين النهر والبحر، ولتحقيق ذلك، لجأت وفق خطط ومشاريع إرهاب الدولة المنظم على اكثر من مستوى وصعيد: أولا تهويد ومصادرة الأراضي بكل الوسائل، والاستيلاء على البيوت والعقارات والمقابر في عموما الضفة الفلسطينية عموما والقدس العاصمة الأبدية خصوصا بالتزوير وغيرها من الوسائل الرخيصة، وبوسائل أخرى في النقب داخل ال48؛ ثانيا زيادة وتيرة الاقتحامات والاجتياحات للمخيمات والمدن والقرى الفلسطينية، كما يحصل في الخليل وبيت لحم وجنين ونابلس وطولكرم ورام الله والبيرة طوباس وسلفيت وقلقيلية وقطاع غزة بمدنه ومخيماته وقراه المختلفة بهدف دفع الجماهير الفلسطينية للترانسفير الطوعي؛ ثالثا السعي الدؤوب وفي سباق مع الزمن لتأكيد "روايتهم المزورة" في ارض فلسطين من خلال تكريس التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى خصوصا (وفق الرواية الدينية) والحوض المقدس وبالادعاء بوجود "اثار" و"معالم دينية" في العديد من مدن الضفة الفلسطينية دون استثناء، وان كانت محافظات القدس والخليل ونابلس ومحيطها تحتل الأولوية؛ رابعا خنق وتبديد الرواية الفلسطينية، وتكميم افواه الرواة الفلسطينيين وحلفائهم في العالم، بهدف طمس الهوية الوطنية، وبالاستناد لدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ملاحقة المنهاج التربوي الفلسطيني لتشويه واختزال الرواية الفلسطينية وفق معاييرالصهيونية، وملاحقة رواتب ذوي الشهداء واسرى الحرية، وإصدار القوانين العنصرية الفاشية، وملاحقة الإعلاميين والمثقفين في مختلف المنابر؛ خامسا قلب معادلات الصراع على مستوى الوطن العربي عبر مشاريع الاستسلام الوهمية، والتطبيع المجاني مع دولة إسرائيل  
ولكن كل مشاريعهم ومخططاتهم الاستعمارية باءت بالفشل، وكشفت خواءهم وافلاسهم، وهزيمتهم أولا في مجمل الاقتحامات التي نفذوها في جنين ونابلس وغيرها من المحافظات، فشلت في لي ذراع روح المقاومة. كما ان مجمل العمليات الفدائية البطولية التي تم تنفيذها في الآونة الأخيرة تؤكد للقاصي والداني، ان تعاظم روح المقاومة بكل اشكالها تتعمق في أوساط الشعب دفاعا عن الهوية والحقوق الوطنية؛ ثانيا تشييع جثمان ايقونة الإعلام والحقيقة والقدس وفلسطين الشهيدة شيرين اكد اول امس الجمعة ان القدس عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية، لم ولن تكن يوما عاصمة لإسرائيل. وان الشعب الفلسطيني البطل مازال مرفوع الهامة، وشامخا بكل معايير الكلمة السياسية لا الانشائية على تراب وطنه، وقادر على هزيمة كل مشاريع الإفلاس السياسية وخاصة ما يسمى "السلام الابراهيمي" الوهمي؛ ثالثا التحولات الجيو سياسية العالمية المتلازمة والمنبثقة عن الحرب العالمية الثالثة بالوكالة في أوكرانيا تحمل في طياتها تغيير موازين القوى العالمية والإقليمية، التي لن تكون وفقا لاستشرافي الشخصي والعلمي لصالح دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون الدولي. 
اذا ورغم الازمة المعقدة التي يعيشها المشروع الوطني الفلسطيني على اكثر من مستوى وصعيد، الا ان فلسطين وشعبها وقيادتها تسير صعودا وبخط لولبي مع حركة التاريخ وصولا للانتصار التام، وطي صفحة النكبة السوداء ومحلقاتها المختلفة. 
[email protected]
[email protected]