السودان يواصل الثورة
نشر في : 05 يوليو, 2022 09:31 صباحاً

نبض الحياة 

رام الله -كان يوم الخميس الموافق الثلاثون من يونيو الماضي ايقادا لشعلة الثورة السودانية مع خروج الجماهير الشعبية السودانية تلبية لنداء قوى اعلان الحرية والتغيير وحزب الامة وللتيارات الثورية المطالبين جميعا باسقاط نظام العسكر، وتسليم السلطة للمدنيين واجراء انتخابات برلمانية، وتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية. حيث ساهم نظام البرهان الزيت على نار المواجهات المحتدمة مع أجهزة امن وجيش وشرطتة، التي وجهت نيران رصاص أسلحتها لصدور الجماهير العارية، مما ادى لسقوط تسعة شهداء، ونجم عن ذلك تأجيج مشاعر الشعب السوداني الشقيق، وفاقم من التحدي للانقلاب الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين اول / أكتوبر 2021، نتاج طوىه صفحة التقسيم الواهي للسلطة بين المدنيين والعسكريين في اعقاب سقوط نظام الرئيس الاخواني السابق، عمر حسن البشير عام 2019. 
ورغم ارتفاع عدد الشهداء حتى اعداد هذا المقال مساء امس الاثنين الموافق 4 تموز / يوليو الحالي الى 114 شهيدا منذ اشتعال نيران الثورة الشعبية السودانية، الا ان الشعب السوداني وقواه الحية من قوى اعلان الحرية وحزب الامة والتيارات الثورية يواصل لليوم الرابع اعتصاماته ومظاهراته بالمئات في الخرطوم وبحري وام درمان وغيرها من المحافظات السودانية رفضا لحكم العسكر والانقلاب. الامر الذي دفع المجتمع الدولي لوقف مساعداته المالية التي تمثل 40% من ميزانية السودان، بيد ان ذلك، لم يثنِ النظام عن مواصلة انتهاكاته وبطشه مع اطلاق يد الجيش والأجهزة الأمنية ولم يرغم قوى الانقلاب عن وقف خيار الاستفراد بالسلطة، وإعلان الحرب على الشعب، مما فاقم من الازمة الاقتصادية، التي انعكست على الجنيه السوداني، وتعاظمت نسبة التضخم ال200% بوتيرة شهرية. ووفق تقرير برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة هذا الشهر، فإن ثلث سكان السودان "يعانون من انعدام حاد في الامن الغذائي."  
هذا وادانت المفوضة السامية لحقوق الانسان، ميشيل باشليه قمع الجيش للمتظاهرين السودانيين يوم الخميس، وطالبت يوم الجمعة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة. بيد ان الانقلابيين لم يعيروا تصريح باشليه أي اهتمام يذكر، وواصلوا عمليات البطش ضد الجماهير الشعبية في مختلف المحافظات، ونشروا العربات العسكرية وقوات الجيش وقوات الدعم السريع في الشوارع الرئيسية في العاصمة الخرطوم وغيرها، وقال احد المتظاهرين لوكالة الانباء الفرنسية "نواصل اعتصامنا حتى يسقط الانقلاب ونحصل على حكومة مدنية كاملة." 
وهو صوت الجماهير وقواها السياسية المتباينة فيما بينها، التي رفضت الحلول الوسطية او الالتفافية على كفاحهم الهادف لاسقاط نظام العسكرتاريا، والذي تمثل بمحاولات كل من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ومجموعة دول شرق ووسط افريقيا للتنمية "ايغاد" عبر ما يسمى "الالية الثلاثية" خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة ممارسة الضغوط بهدف جمع الطرفين مجددا لحوار بينهما، الا ان قوى الحرية والتغيير وحزب الامة والتيارات الثورية رفضت الاصغاء لتك الوساطات. لانها جربتها، ولم تكن اكثر من عملية تخدير وتجفيف لروح الثورة الشعبية، وخدمة لديمومة النظام العسكري الاستبدادي، وبالتالي ليست اكثر من قفز فوق جراح الشعب، كما انها تغمض العين عن مصالح واهداف كفاح الجماهير الشعبية السودانية ، التي اكتوت بنيران الموت والجوع، والازمات الاقتصادية الحادة، والتضخم المتواتر وبخط بياني صاعد، والحرمان من ابسط معايير الديمقراطية، فضلا عن تورط السودان بعمليات تطبيع مجانية مع دولة الاستعمار الإسرائيلية وعلى حساب حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني الشقيق، والانخراط في تحالفات إقليمية ودولية مشبوهة ومتناقضة مع اهداف وثوابت السودان الوطنية والقومية.
ولم تنطلِ على قوى التغيير وخزب الامة والتيارات الثورية لغة الإدانة الشكلية، التي حملها البيان المشترك للقوى الثلاثة الجمعة الماضي للعنف والاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الجيش والأجهزة الأمنية والشرطة ضد أبناء الشعب السوداني، واعتبرت النخب السودانية، ان الموقف تجاوز حدود البيانات الاستنكارية والشجب والادانة، كون اللحظة تستدعي نبذ النظام، والمطالبة بمحاكمة رموزه لعدم التزامهم بما تم الاتفاق عليه عام 2019، ونتاج سياسة البطش والتنكيل بالجماهير الشعبية، التي ارتكبتها وقادتها قوات التدخل السريع، القوات شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو، والتي ارتكبت جرائم فظيعة في إقليم درافور غرب السودان، واعتقالاتها السياسية لرموز الحركة الوطنية. 
واكد الناطق باسم الكتل الثورية السودانية، فتحي إبراهيم دير، ان الأوضاع تغيرت بشكل كبير على الأرض بعد 30 حزيران / يونيو الماضي، واصبح الشارع السوداني، هو صاحب الكلمة الفصل في الوضع الراهن، وسوف يستمر في التصعيد حتى تحقيق المطالب الشعبية، التي رفعها منذ الانقلاب. وأوضح في تصريح هاتفي مع موقع "سبوتنيك" ان الشعب يرفع شعار واحد هو "العسكر للثكنات والأحزاب للانتخابات وحكومة تكنوقراط للفترة الانتقالية." 
اذا السودان الشعب ماض الى النهاية في مواجهة التحدي مع نظام البرهان، ولن يتراجع عن شعاره الناظم. بيد ان انتصار الثورة الشعبية السلمية يتطلب تكاتف وتعاضد القوى السياسية المتصادمة مع العسكر، والعمل على وضع برنامج عمل مرحلي بهدف توحيد الجهود الوطنية السودانية في بوتقة اطار وطني جامع لمواجهة التحدي المشترك، وهو اسقاط نظام العسكرتاريا، وانتصار الخيار الديمقراطي، وبناء ركائز نظام مدني يستجيب لمصالح واهداف وطموحات الشعب كل الشعب السوداني. دون ذلك يمكن للنظام واعوانه ومؤيدوه في الإقليم والعالم من اختراق صفوف المعارضة.  
[email protected]
[email protected]