7 رصاصات تفقد "إيليا" دلال أبيها للأبد
نشر في : 02 ديسمبر, 2022 07:32 صباحاً

جنين-فاطمة إبراهيم- "لم يمض على خروجه من المعتقل سوى أشهر قليلة، لم يشبع من طفلته الصغيرة إيليا، ولن يرى طفله الآخر حين يولد"، قال الوالد المكلوم جمال الزبيدي بعد ارتقاء نجله نعيم (34 عاما) شهيدا برصاص الاحتلال في مخيم جنين.

ففجر اليوم الخميس، الأول من كانون الأول/ ديسمبر، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين وحاصرت منزلاً فيه، وقتلت نعيم والشاب محمد السعدي (26 عاما)، وجرحت شابا آخر قبل أن تنسحب من المخيم.

ويروي والد الشهيد لـ "وفا" اللحظات الأخيرة قبيل استشهاد نجله، "بحدود الساعة الثانية والنصف فجرا تسللت قوات خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى المخيم، وكالعادة خرج شبان المخيم للتصدي لهم، وأصيب الشاب محمد السعدي برصاص الاحتلال، وحين حاول نعيم الوصول إليه لنقله إلى مركبة الإسعاف، أطلق عليه قناصة الاحتلال 7 رصاصات ليرتقي شهيدا على الفور".

ويضيف: "قتلوه بسبع رصاصات، استشهد بأرضه وقبل وصول الإسعاف إليه، رصاصة في رأسه والأخرى في صدره، ورصاصات متفرقة في أنحاء جسده".

يمسح والد الشهيد وجهه بيده ويتابع بصوت متحشرج: "كنت نائما، أخبروني في الصباح أن نعيم مصاب في المستشفى، وعندما وصلت وجدته جثة هامدة".

ويضيف: "يعمل نعيم في المنطقة الصناعية ويعود إلى منزله في آخر النهار، لم أستطع أن أراه يوم أمس، خرج باكرا إلى عمله وعاد مساءً إلى منزله، لم أره يوم أمس، واليوم فقدته".

يصمت الوالد قليلا ثم يتابع: "لست قادرا على الحديث عن نعيم، كيف أتحدث عنه بصيغة كان، بالأمس كان معي واليوم أصبح غائبا"، مشيرا إلى أن نجله كان هادئا وكتوما.

وكانت سلطات الاحتلال قد أفرجت عن نعيم من معتقلاتها في العاشر من حزيران/يونيو الماضي، علما أنه اعتقل في السابق عدة مرات وأمضى ما مجموعه خمس سنوات من عمره في معتقلات الاحتلال، بحسب والده.

طفلة الشهيد إيليا تبلغ من العمر عامين ونصف، وزوجته حامل في الشهر الخامس، حيث كان نعيم ينتظر بفارغ الصبر ولادة طفله الثاني بعد أقل من أربعة أشهر، إلا أن رصاصات الاحتلال قتلته وأحلامه، وأفقدت إيليا دلال أبيها.

في أزقة مخيم جنين، تجمع الناس على مدخل منزل عائلة الزبيدي بانتظار وصول جثمان الشهيد نعيم لوداعه من ذات المنزل الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي مرتين، الأولى في عام 1988 والثانية في اجتياح المخيم سنة 2002.

عند باب المنزل وقف يحيى الزبيدي، ابن عم الشهيد وشقيق الشهيد داوود الذي ارتقى قبل أقل من ستة أشهر، والأسير زكريا وهتف: "نزّف لفلسطين ابننا الشهيد نعيم أبو إيليا ونبعث لأسيرنا زكريا رسالة أن هذا الدرب رسم لنا من آبائنا وأجدادنا ونحن نستمد عزيمتنا منك فكن بخير".

ويصل عدد أفراد عائلة الزبيدي في مخيم جنين 35 فردا، اعتقل غالبية رجالها على فترات متفاوتة وأعيد اعتقال عدد منهم لأكثر من مرة، فيما ارتقى 7 شهداء من العائلة، كانت أولهم الشهيدة سميرة الزبيدي زوجة عم الشهيد، وآخرهم هو الشهيد نعيم.

وبحسب وزارة الصحة، فإنه بارتقاء الشهيدين نعيم الزبيدي ومحمد السعدي، ترتفع حصيلة الشهداء منذ مطلع العام الجاري إلى 210 شهداء، بينهم 158 شهيدا في الضفة الغربية (54 شهيدا في محافظة جنين)، و52 شهيداً في قطاع غزة.

وشيعت جماهير غفيرة من أبناء شعبنا في محافظة جنين، جثماني الشهيدين الزبيدي والسعدي، إلى مثواهما الأخير في مخيم جنين.

وانطلق موكب التشييع من مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي في جنين، بمسيرة جابت شوارع المدينة ومخيمها، مرددين الهتافات المنددة بالاحتلال وسياساته الإجرامية، وعدوانه المستمر على شعبنا خاصة في جنين ومخيمها وقراها وبلداتها.

وعلى مقبرة الشهداء في المخيم، ألقيت عدة كلمات، أكدت جميعها أن إرهاب وجرائم الاحتلال لن تثني شعبنا على الاستمرار في المقاومة والتصدي للاحتلال، وشددت على الوحدة الوطنية وترسيخها على أرض الواقع.

ونعت حركة "فتح" وكافة فصائل العمل الوطني والإسلامي الشهيدين الزبيدي والسعدي، حيث عم الإضراب الشامل والتجاري المدينة والمخيم.