ماهر يحلق في فضاء الحرية
نشر في : 18 يناير, 2023 10:27 صباحاً

نبض الحياة

رام الله -الحرية الفردية والجمعية مترابطتان في ظل وجود الاستعمار الأجنبي، او النظم البوليسية والديكتاتورية. لان اعتقال انسان من أبناء شعب واقع تحت تير الاحتلال ناجم بالأساس عن مواجهة جرائم المستعمر، والدفاع عن الحقوق الشخصية والجمعية للشعب، كون مقاومة الفرد، هي جزء لا يتجزأ من المقاومة العامة لقطاعات الشعب المختلفة. ونفس الامر ينطبق على مواجهة النظام الاستبدادي، الذي يمارس القهر والبطش بالجماهير دون وازع أخلاقي او قانوني، ويغتصب حرياتها، ويطبق على أنفاسها، ويفصل المنظومة القانونية على مقاسه ووفق اجندته الخاصة. وهو والاستعمار الأجنبي وجهان لعملة واحدة. لا يختلف بشيء عن الاحتلال الأجنبي، الا في كونه يلبس عباءة وهوية الشعب. بيد انه لا يمت بصلة للشعب الا كونه يحمل الجنسية. وبالتالي المشترك كبير بين الاستعمار والأنظمة الشمولية.
غدا الخميس الموافق 19 يناير الحالي يستنشق مارد فلسطيني جديد انفاس الحرية، ويتحرر من ظلام السجن، وجرائم السجان، ويخط الخطى الأولى بعد أربعين عاما خارج اسوار باستيلات الإرهاب الصهيوني المنظم، وينطلق البطل ماهر يونس محلقا في فضاء الحرية، والان في الساعات القليلة المتبقية، كما ابن عمه جنرال الحرية وعميدها كريم، الذي سبقه في معانقة الحرية النسبية في الخامس من يناير الحالي، أي قبل أسبوعين فقط، يعيش ماهر حالة من الارتباك، وطرح الأسئلة على الذات، وكيف سيتعاطى مع الاهل والاقارب وأبناء الشعب، ومع مفردات وتضاريس الحياة المختلفة، مع الهواء وشرب القهوة والسيجارة، والغداء، والمهنئين، والعالم القديم الجديد.
لكن المناضل الكبير، واحد رموز وعمداء الحرية الفلسطينية ماهر يونس، ابن حركة فتح كما جابه الجلاد الصهيوني المجرم طيلة أربعين عاما بالتمام والكمال، وتحدى الموت والقهر ومخرز الفاشية بيده، ووقف كالجلمود شامخا، سيعرف كيف يواجه التحدي الجديد، وسيتعود السير على الطرقات وقتما يريد، وكيفما يشاء، ويذهب لشاطىء البحر ليتنسم هواءه العليل، وسيروي للبحر روايته البطولية والخالدة في مسيرته الخاصة، ومسيرة الشعب العامة.
اطلاق شراع سفينه ماهر لتغب عباب البحر دون سلاسل القيد، وبعيدا عن الاستيقاظ والنوم حسب اجندة الجلاد المستعمر، وتحررا من العد اليومي الصباحي والمسائي، ومن الفورة اليومية وزمنها الضيق والخانق، هو اطلاق جديد لحرية الشعب، لا سيما وان حرية كل اسير حرب من اسرى البطولة، هي حرية متجددة لروح وطاقات الشعب الفلسطيني العظيم، لان حريات عمداء الاسر تشحن الشعب ومناضليه طاقات عظيمة. لانهم صنعوا مجدا لا يليق الا بشعب التضحيات الفلسطيني العظيم، شعب العطاء والوفاء للاهداف والثوابت الوطنية.
لحرية ماهر وقبله كريم ولكل من سبقوهم من رفاق الدرب، الذين قضوا سنينا طويلة خلف الاسوار والقضبان، استنزفت أعمارهم في مواجهة يومية مع الجلاد القاتل والمغتصب للأرض والحرية ولحقوق ومصالح الشعب العليا، مذاق آخر، ولون آخر، وهندسة فريدة من نوعها في التاريخ الإنساني، لم يسبقهم أي شعب من شعوب الأرض اليها.
وهو ما يؤكد مجددا للمرة المليون، ان شعبا فيه فرسان وعمالقة من طراز رفيع وخاص، تحدوا الموت والجلاد وراء القضبان أربعة عقود طوال بايامها ولياليها السوداء والموحشة والكئيبة واللزجة الرطبة، هو شعب فريد من نوعه، لن يهزم، لا بل سيهزم الموت والجلاد والبارود والرواية الصهيونية المزورة، وسيهزم من يقف خلفهم، وسيهزم الاستسلام والهزيمة العربية، وسيهزم كل أعداء المشروع الوطني التحرري الفلسطيني.
سيخرج ماهر غدا الى النور ويصافح أبواب ونوافذ الحرية، ويعانق المهنئين، رغم استعدادات أجهزة الامن الإسرائيلية الاجرامية لمنع أبناء الشعب العربي الفلسطيني من الاحتفاء به وبخروجه مرفوع الرأس والهامة، وسيرفع العلم الفلسطيني، علم العروبة والحرية الحمراء، علم المجد والفداء، وسيضحك ملء شدقيه، ويهزأ من الجلاد الصهيوني بصوره ونماذجه المختلفة، وسيقول لهم، انا هنا في عارة الشموخ والاصالة الوطنية، انا هنا في وطني الام، وفي بستاني الصغير بين اهلي وأبناء واحفاد شقيقاتي وأبناء عمومتي وشعبي كل شعبي من النهر الى البحر وفي الشتات والمهاجر، وبين شعوب ونخب امتي العربية الاماجد من المحيط الى الخليج، الذين قاتلت من اجلهم، ومن اجل رفع مكانتهم، ولاؤكد لهم وحدة المصير والمآل المشترك، ومع كل حامل راية سلام في الكون بغض النظر عن دينه وعرقه ولونه وجنسه وخلفيته الفكرية السياسية وثقافته.
سيخرج المارد الفتحاوي الجديد ليقول للقاصي والداني من أبناء الشعب عودوا جميعا لجادة الوحدة الوطنية، عدونا واحد، ومصيرنا واحد، ومستقبلنا بوحدتنا، وبحماية اهدافنا وثوابتنا، وتعزيز كفاحنا الوطني بكل الوسائل المتاحة حتى نهزم دولة التطهير العرقي الصهيونية، ونهدم اركان روايتها المزورة واساطيرها وخزعبلاتها الوهمية، ومكونات مؤسساتها المسكونة بالتناقضات التناحرية، ونؤكد للولايات المتحدة وبريطانيا وكل الغرب الرأسمالي كان هنا الشعب العربي الفلسطيني، وكانت هنا فلسطين العربية، وستبقى فلسطين وشعبها ومن يرغب بالعيش بين ظهرانيه، وما صنعتموه من وهم، ومن إرهاب وفوضى في الوطن العربي الكبير سيزول، كما فقعات الصابون، حتى لو مضى مئة عام على اكذوبتكم واستعماركم بالوكالة.
مبرووووووووووووووووك كبيرة للمناضل الفتحاوي البطل ماهر يونس، ومبروك لاسرى الحرية انعتاق وتحرر عميد جديد من عمدائهم، وعقبال كل اسرى الحرية وعلى رأسهم شيخ الاسرى فؤاد الشوبكي واحمد سعدات ومروان وعبد الله البرغوثي ورائد السعدي وكل عمداء الحرية.
[email protected]
[email protected]