لا تصدقوا واشنطن
نشر في : 11 نوفمبر, 2023 01:05 مساءً

نبض الحياة

رام الله -في محاكاة المسؤولين السياسيين من الدول الأخرى يتابع القادة ومساعدوهم ما يصدر عنهم من مواقف عموما والمفاهيم المستخدمة، وحتى حروف الجر، واداوت الجزم والنفي والمناداة، والتحولات الإيجابية والسلبية في اللقاءات المتعاقبة، اللهجة التي يتحدثون بها، حركة الأجساد، والايماءات التي يضمنوها احاديثهم، الغموض والالتباس والوضوح فيما ذكروه وجدية ما يدعون من عدمها، وبرودة وحرارة التحيات لقياس التطور في مواقفهم، ومحاولة استشراف ما بين الكلمات وغيرها من الإشارات والملاحظات ذات الصلة لاستخلاص الغث من السمين لتحديد رؤيتهم في التعامل معهم لاحقا.
ومن خبرة القادة العرب المحنكين هناك نتيجة أساسية واحدة عند غالبيتهم، ان زعماء وأركان إدارات الولايات المتحدة وقادة الاجهزة الأمنية تتمثل في عدم اليقين مما يتحدثون به، وعدم تصديقهم. لان كل ما يهمهم مصالحهم، ولا تعنيهم مصالح الشعوب والحكومات الحليفة الا بمقدار ما يخدم مصالحهم واجنداتهم الخاصة.
واذا توقفنا امام مواقف إدارة بايدن من حرب الإبادة التي تلقي حممها على أبناء الشعب في قطاع غزة خلال ال35 يوما الماضية نلحظ الاتي: أولا قيادتها الفعلية للحرب ضد الشعب الفلسطيني؛ ثانيا إصرارها على مقولة "لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها"؛ ثالثا تشويه حقيقة النضال الوطني الفلسطيني، والإصرار على وصفه ب"الإرهاب"؛ رابعا المضي قدما في خيار التهجير القسري لابناء الشعب من القطاع والضفة لتحقيق مصالح إسرائيل اللقيطة في شرق اوسطها الجديد خامسا فرض املاءاتها على الأنظمة العربية بما يخدم أهدافها وربيبتها إسرائيل؛ سادسا الكيل بمكيالين، وبمعايير مزدوجة سابعا التحدث بوجهين ولغتين للالتفاف على مصالح العرب عموما والفلسطينيين خصوصا؛ ثامنا الإصرار على رفض وقف الحرب، والتمسك بمقولة "الهدن التكتيكية" المؤقتة لتتمكن من تحقيق الأهداف المشتركة الصهيو أميركية والافراج عن الاسرى الإسرائيليين والأميركيين، وحتى يتمكن نتنياهو من تحقيق إنجازات ولو شكلية؛ تاسعا التلويح بالعصا الغليظة لكل من يفكر من العرب مساعدة الشعب الفلسطيني في دفاعه عن نفسه؛ عاشرا مواصلة حرب التجويع والعقاب الجماعي على الشعب الفلسطيني لكسر إرادة التحدي والصمود، بادعائها انها تستهدف اذرع المقاومة، في حين ان الذي يدفع الثمن الباهض هم الأطفال والنساء والشيوخ والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس وحرمانهم من ابسط مقومات الحياه؛ حادي عشر الدفع بالحلول الجزئية والأمنية على حساب الحل السياسي، والتنكر لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ ثاني عشر عدم مصداقيتهم بشأن غياب الرؤية الفلسطينية للخروج من نفق الحرب.  
كل ما تقدم وغيره من الجرائم التي ترتكبها الإدارة الأميركية يؤكد للقاصي والداني، انها لا تعمل من اجل السلام، واصرارها على إدارة دوامة الحرب والصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لان من يريد السلام عليه ان يلتزم أولا وقبل كل شيء بوقف الحرب فورا ودون تردد، ورفع الحصار الكامل عن الشعب العربي الفلسطيني في كل المحافظات الشمالية والجنوبية، وتأمين الحماية الدولية له، ووقف الترانسفير والتهجير القسري للشعب من وطنه الام فلسطين، والزام إسرائيل اللقيطة بدفع استحقاقات التسوية السياسية، مع ما يعنيه ذلك من وقف الاستطان الاستعماري في الضفة الفلسطينية، وليس الإعلان الشكلي عن تحميل المستوطنين المسؤولية عن جرائم الحرب في المحافظات الشمالية. لان من يقف وراء تلك الجرائم هي الدولة الإسرائيلية بمؤسساتها السياسية والعسكرية والقضائية والدينية، والاعتراف الفوري والمباشر بالدولة الفلسطينية، والمساهمة برفع مكانتها لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ورفع منظمة التحرير من قوائم الإرهاب، وفتح القنصلية الأميركية في القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، وفتح الممثلية الفلسطينية في واشنطن، وإلغاء القوانين الأميركية كافة بما فيها قانون فورس الإرهابي، وتتويج ذلك بعقد المؤتمر الدولي للسلام في اقرب الاجال.
بالنتيجة واهم من يصدق ادعاءات الولايات المتحدة في رغبتها في بناء ركائز السلام، وتجسيد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. لان كل ما تقدم يكشف اكاذيبها وافتراءاتها على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ليس هذا فحسب، بل وانتهاك القوانين الاممية بشكل فاضح ولا أخلاقي، ويعريها من كل القيم الإنسانية، كونها تحاول بكل الوسائل اطالة امد حرب الأرض المحروقة لتحقيق اهدفها وأهدافها اداتها الإسرائيلية الخارجة على القانون. وللحديث بقية.
[email protected]
[email protected]