قراءة أولية في مواقف حماس

09 اغسطس, 2022 10:03 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله - عمليا انتهت الحرب الخامسة، او حرب الأيام الثلاثة الإسرائيلية على قطاع غزة اول امس الاحد في الحادية عشر والنصف قبل منتصف الليل وفق ما نص الاتفاق بين إسرائيل الاستعمارية وحركة الجهاد الإسلامي بوساطة الاشقاء المصريين، ولم تنتهِ تداعياتها ونتائجها. لا سيما وان هناك الكثير مما يقال حولها، وعن أدوار ومواقف القوى المحلية والإسرائيلية وارباحها وخسائرها، واجنداتها الخاصة والإقليمية.

وبقراءة سريعة اعتقد ان حركة الجهاد الإسلامي، رغم انها فوجئت بالضربة الإسرائيلية الأولى، وما نجم عنها من خسائر مؤلمة في فقدها لعدد من اركان كوادرها العسكرية، الا انها تمكنت من تعزيز رصيدها الشعبي في الشارع الفلسطيني، كونها صمدت لوحدها في الميدان طيلة الأيام الثلاثة للحرب، وقاتلت بامكانياتها مع مساندة متواضعة من بعض اذرع المقاومة ذات الإمكانيات العسكرية المتواضعة. غير ان خسائرها في الطاقات والكفاءات البشرية والعتاد والسلاح تستطيع ان تعوضها في المستقبل المنظور.

ومع انها قاتلت لوحدها، لكنها بقيت متمسكة بخيار وحدة اذرع المقاومة جميعها، ودافعت عن وحدة الشعب في كل تجمعاته، ولم تقبل الوقوع في دائرة التشكيك والطعن في مواقف حركة حماس، حرصا منها على قطع الطريق على هدف إسرائيل بتعميق الانقسام داخل صفوف فصائل العمل السياسي الفلسطينية. مع ان بعض قياداتها اعلنوا بمرارة عن ترك حركة حماس وذراعها العسكري كتائب القسام لهم، ورفضوا المشاركة ولو الشكلية في المواجهة مع قوات العدو الصهيوني. رغم ان الناطقين باسمها اعلنوا كذبا ان "كل اذرع المقاومة مشاركة في الدفاع" وانهم "لن يتركوا حركة الجهاد وسرايا القدس لوحدها في الميدان"، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، حتى ان رئيس الحركة إسماعيل هنية اطلق تصريحات غير ذات شأن، وكأنه ممثل للصليب الأحمر، او لجهة محايدة، وهو ما يدلل على تورط قيادة حماس في اللعبة الإسرائيلية.

واعتقد ان بعض المراقبين من أصحاب الخلفيات الاسلاموية اخطأوا التقدير، او لنقل داهنوا حركة حماس، عندما اعلنوا في اكثر من لقاء خلال الأيام الأربعة الماضية مع المنابر الإعلامية، ان كتائب القسام كانت ستشارك لو استمرت المعركة ليوم إضافي. وهذا للأسف الشديد لا أساس له من الصحة. لا سيما وان عدم مشاركة حماس وذراعها العسكري في المعارك، ليس المرة الأولى، ففي عام 2019 عندما قامت إسرائيل باغتيال الشهيد بهاء أبو العطا، لم تشارك. وبالتالي عدم مشاركتها ليست جديدة، ولا هي المرة الأولى. مع ان عدم مشاركتها في الحرب الأخيرة لها دلالات سياسية وامنية غير حميدة وخطيرة على الكل الفلسطيني.

وعدم المشاركة في المعارك، وترك إسرائيل الاستفراد بحركة الجهاد لم يكن ردة فعل، ولا هو وليد الصدفة، انما جاء محسوبا ووفقا للاتفاق المبرم بينها وبين القيادة الاسرائيلية، غير المعلن عنه، والذي تم في سجن عوفر عندما قام رئيس وزراء إسرائيل البديل لبيد، ووزير حربه غانتس ورئيس اركانه كوخافي بزيارة السجن واللقاء مع ممثلي حماس عشية الترتيب لحرب "طلوع الفجر" الاجرامية، وانذاك اطلق فيه اركان الحكومة الإسرائيلية الوعود الكاذبة، مثل منح حركة حماس امتيازات هامة لجهة تعزيز انقلابها على الشرعية في قطاع غزة، وزيادة عدد العمال، ورفع الحصار الجزئي عن محافظات الجنوب، وإمكانية منحهم ميناء على البحر، وحتى اعيد طرح بناء الجزيرة الصناعية في عرض البحر، وفتح أبواب الاستثمار، وهذا المشروع قديم جديد، ومخططاته جاهزة من سنوات، وسلمت للولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وحتى للأمم المتحدة، وأيضا وعدتهم باشراكهم في المنظومة الإقليمية التي يجري الاعداد لترتيبها في المستقبل المنظور، اذا قدر لها النجاح.

ولهذا اكدت على ان عدم مشاركة حماس هذه المرة اخطر من المرة السابقة لدلالاتها السياسية والأمنية، والتي سينجم عنها: أولا تأبيد الانقلاب الحمساوي على الشرعية، وإدارة الظهر للوحدة الوطنية كليا؛ ثانيا ترسيخ وتعميق الشرخ والانقسام داخل الصف الفلسطيني، حتى داخل حدود قطاع غزة نفسها، وابتعادها (حماس) عمليا عن اذرع وخطاب "المقاومة" الا بالشكل وللاستهلاك التضليلي الديماغوجي؛ ثالثا القبول بفتات التسهيلات الاقتصادية على حساب المشروع الوطني ووحدة الشعب؛ رابعا القيام لاحقا بتعميق عملية تقليم اظافر اذرع المقاومة في القطاع. لانها تهدد استقرار الانقلاب والاجندة الاخوانية الإسرائيلية الأميركية ... الخ

مع ذلك سيبقى الرهان قائما على التيار الداعم والمؤيد للوحدة الوطنية داخل صفوف حركة حماس عموما، وكتائب عز الدين القسام خصوصا، الذي سيرفض الانجرار وراء الوعود الإسرائيلية الكاذبة، والتي لم تف يوما باية تعهدات وقعت عليها، وهذا التيار بالاستناد للشعب وقواه الحية يستطيع إعادة الاعتبار لذاته وللحركة في حال توطنوا داخل المشروع الوطني، وتخلوا كليا عن قسم الولاء للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين، وانحازوا لولائهم لفلسطين وحريتها واستقلالها وعودة اللاجئين وفقا للقرار 194. لا سيما وان الوحدة الوطنية كانت وستبقى الرافعة الأهم لعوامل الصمود والمواجهة مع المشروع الصهيو أميركي.

[email protected]

[email protected]     

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار